للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أحدهما: أن فيه قولين.

والثاني: القطع بوجوب حدين؛ لاختلاف القذفين، وبه قال ابن الحداد.

قال: ولا يستوفى حد القذف إلا بحضرة السلطان؛ لقوله تعالى: {والذين يرمون المحصنات ثم لم يأتوا بأربعة شهداء ...} الآية [النور: ٤]، وهذا خطاب لأولي الأمر؛ فاختص بهم؛ ولأنه يحتاج إلى اجتهاد، ويدخله التخفيف، فلو فوض للمقذوف، لم يؤمن أن يحيف للتشفي، والمستوفي له بحضرة السلطان [هو] الوكيل عن المقذوف؛ كما دل عليه كلام الشيخ وغيره في باب الوكالة؛ فإن لم يوكل فمن يأمره السلطان، ولا يجوز أن يوكل فيه المقذوف، فلو فعله بإذنه لم يقع الموقع، قاله الرافعي في كتاب الجنايات.

ولو استوفاه المقذوف بنفسه دون حضرة السلطان أو نائبه، لم يقع المموقع.

وقال الإمام في هذا الباب: لا يبعد عن القياس الاعتداد به، لاسيما إذا صدر عن استسلام المحدود، وإقدام من المقذوف [صادر] عن رضاه، والذي سمعته من الأئمة، ودل عليه فحوى كلامهم في مجموعاتهم: أنه لا يقع الاعتداد به. انتهى.

وقد حكى الرافعي احتمال الإمام وجها؛ كما لو استقل من له القصاص باستيفائه.

ثم على الأول: يترك حتى يبرأ، ثم يحد.

ولو مات من الجلد، وجب القصاص إن جلده دون إذنه. وإن كان بإذنه فلا قصاص، وفي الدية وجهان كما لو قتله بإذنه، قال الرافعي في كتاب الجنايات.

قال: ولا يستوفي إلا بمطالبة المقذوف؛ لأنه محض حقه، فلم يستوف [بغير طلبه]؛ كحق القصاص، وإنما قلنا: إنه محض حقه؛ لقوله صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع: "ألا إن دماءكم وأموالكم وأعراضكم حرام عليكم كحرمة يومكم هذا، في شهركم هذا، في بلدكم هذا". فأضاف أعراضنا إلينا؛ كإضافته دماءنا واموالنا. [والدماء] والموال مختصة بنا؛ فكذلك العراض. وقروي أنه صلى الله عليه وسلم قال: "أيعجز أحدكم أن يكون كأبي ضمضم، كان إذا خرج من منزله يقول: اللهم إني

<<  <  ج: ص:  >  >>