للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تصدقت بعرضي على عبادك". وهذا دليل على [أن عرضه] حقه، وإلا لما سقط باسقاطه، ولأنه حق لا يستوفيه الإمام إلا بمطالبة المقذوف، بوفاق الخصم -وهو أبو حنيفة- فكان من حقوق المقذوف كالدين.

وقد ادعى الغزالي والرافعي في هذا الباب: أن فيه مشابهة حقوق الله تعالى؛ لكونه لا يقع الموقع باستيفاء المقذوف، وينشطر بالرق، ولا يسقط بقوله للقاذف: اقذفني؛ كما سنذكره.

وهذا [القول] لا يخرجه عن أن يكون محض حق الآدمي؛ كما حكى المارودي: أنه مذهب الشافعي. ألا ترى أن القصاص فيه مشابهة حقوق الله تعالى؛ فإن الغرض الأظهر منه الزجر؛ لقوله تعالى: {ولكم في القصاص حياة} [البقرة: ١٧٩]، ومع هذا لم تخرجه المشابهة عن كونه محض حق الآدمي.

قال: فإن عفا، سقط؛ لأنه محض حقه كما ذكرنا؛ فسقط بعفوه كالقصاص والدين.

وأراد الشيخ بقوله: ولا يستوفي إلى بمطالبة المقذوف، فإن عفا سقط -التنبيه على مذهب الحسن البصري- رحمه الله- فإنه [جوز استيفاءه] بدون المطالبة، و [وقال: إنه] لا يسقط بالعفو.

ووافقه أبو حنيفة في عدم السقوط بالعفو.

قال: وإن قال لرجل: اقذفني، فقذفه -فقد قيل: يجب الحد؛ لأن العار يلحق بالعشيرة، فالإذن فيه لا يؤثر في حقهم، وهذا ما ادعى الإمام إجماع الأصحاب عليه [إلا من] سنذكره، وصححه القاضي الحسين قبيل باب الوقف في نفي الولد، وجزم به في "الوجيز".

<<  <  ج: ص:  >  >>