فرع: إذا كان التعزير متعلقا بحق الآدمي، فعفى عنه، فهل للإمام إقامته إذا رآه؟ فيه وجهان، وهما جاريان فيما لو وجب له قصاص أو حد قذف فعفى عنه، فهل للإمام التعزير أم لا؟ لكن بالترتيب، ويجيء عند الاختصار فيهما ثلاثة أوجه:
أحدها:[لا؛ لأن المستحق] قد أسقطه.
والثاني: نعم؛ لأنه لا يخلو ذلك عن حق الله -تعالى-[ولأنه يحتاج] إلى زجر غيره عن مثل تلك الجناية.
وأشبههما: الفرق بين أن يكون العفو عن الحد فلا يعزر، وبين أن يكون عن التعزير فيعزر؛ لأن الحد لازم مقدر لا يتعلق بنظر الإمام؛ فلا سبيل إلى العدول إلى غيره بعد سقوطه، والتعزير يتعلق أصله بنظر الإمام؛ فجاز ألا يؤثر فيه إسقاط غيره.
وسلك في "الحاوي" طريقا آخر، فقال: إذا عفا مستحق التعزير عنه، نظر: فإن كان [بعد الترافع] إلى الإمام لم يسقط حق الإمام عنه، وكان له أن ينفرد بتعزيره.
وإن كان العفو قبل الترافع، ففي سقوط حق الإمام عنه وجهان:
أحدهما – وهو قول الزبيري -: السقوط.
والأظهر: عدمه.
وبنى على ذلك فرعا، وهو أنه لو تشاتم والد مع ولده سقط حق التعزير الذي للابن على الأب، ولا يسقط التعزير الذي للأب على الابن، وللإمام تعزيرهما [معا].
فرع: إذا كان التعزير المشروع لا ينجع في كف الجاني عن المعصية، فقد قال الإمام: إن الزوجة إن كان لا يحصل تأديبها إلا بالضرب المبرح وعلم ذلك، فلا يجوز الضرب المبرح ولا غيره؛ فإنه عري عن الفائدة.
قال الرافعي: والذي أطلقه الإمام يقتضي أن يكون ذكر الزوج جاريا على
طريق المثال، وسائر المعزرين في معناه، ويجوز أن يبنى الأمر في حق
الإمام على أن أصل التعزير هل هو ولجب عليه؟ فإن أوجبناه التحق بالحد،