للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولأن القضاء إما أمر بمعروف أو نهي عن منكر [أو هما،] وأيَّاماً كان فهو فرض على الكفاية، وقد ادعى الرافعي في ذلك الإجماع، ورأيت فيما وقفت عليه من "تعليق" القاضي أبي الطيب أنه يستحب للإمام أن ينصب القضاة في البلدان، ولم أره في غيره.

والمخاطب بهذا الفرض من تكاملت فيه شروط القضاء كما سنذكرها، ثم المعروف من فروض الكفاية [أنه] إذا قام به من فيه الكفاية سقط الفرض عن الذين خُوطبوا به على الكفاية، وأنهم إذا امتنعوا منه أثموا جميعاً، وهو مصرح به كذلك هنا. نعم، حكى في "المهذب" وغيره: أن الإمام هل له في هذه الحالة أن يجبر واحداً منهم على الدخول فيه؟ فيه وجهان، اختيار الرافعي وصاحب المرشد منهما: الإجبار، وصحح ابن أبي الدم المنع.

قال مجلي: وعلى هذا هل يتعين [عليه؟] فيه وجهان.

وحكى ابن الصباغ والبندنيجي أن الإمام لو عين شخصاً ابتداءاً للقضاء هل يتعين عليه؟ فيه وجهان من غير بناء على ما ذكره مجلي، مع أني لم أفهم معنى البناء.

وقد قال مجلي بعد حكاية الوجهين في التعيين: إن الغزالي قال هذا فيه إذا عينه من غير تخيير له، فإن كان قد خيره فلا معنى لإيجاب التقليد، وهو غير متعين، ولم يجزم الإمام بتعيينه، وما نسبه إلى الغزالي قد ذكره بعد حكايته عن العراقيين الوجهين.

قال: فإن لم يكن من يصلح إلا واحد تعين عليه، أي: القبول؛ لأن هذا شأن فروض الكفايات، ولا يدفع هذا التعين [عليه] خوفه على نفسه [الخيانة والميل، بل عليه القبول، وأن يجاهد نفسه]، ويلازم سمت التقوى، ويستحب أن يقول إذا دعي: سمعاً وطاعة.

قال: ويلزمه طلبه، أي: إن لم يعرض عليه؛ لأن به يخرج من واجبه.

<<  <  ج: ص:  >  >>