قال في "المهذب" وغيره: ولو احتاج في هذه الحالة في تحصيله إلى بذل مال وجب بذله، كما يلزمه في شراء الرقبة في الكفارة، والطعام في المجاعة.
وفي "الحاوي" ما يخالف ذلك؛ لأنه قال: يجب القبول، ولا يتعين عليه طلب القضاء؛ لأن فرض التقليد على المولِّي دون المولَّى.
قلت: ولعل هذا إذا علم به المولِّي، أما إذا لم يعلم فيجب عليه إعلامه، كما أطلقه البندنيجي وابن الصباغ وغيرهما، وقال الماوردي في آخر الفصل: إن بذل المال في هذه الحالة مستحب.
قال: فإن امتنع أجبر عليه، أي: على القبول مع عصيانه؛ لأن الناس مضطرون إلى علمه ونظره؛ فكان كصاحب الطعام إذا منعه من المضطر، وقد قدمت في باب أدب السلطان سؤالاً أورد مثله ها هنا الرافعي فليطلب جوابه من ثم، وهذا هو المشهور.
وفي "تعليق" القاضي [أبي الطيب] و"الرافعي"[حكاية] وجه: نه لا يجبر عند الامتناع؛ لما روى أنه صلى الله عليه وسلم قال:"إنا لا نلزم على القضاء أحداً".
والأولون حملوا الحديث على حالة عدم التعين.
قال: فإن كان هناك غيره، أي: صالح لذلك كصلاحيته له، كره أن يتعرض له، أي: بالطلب؛ لما روى أبو داود عن بلال بن أنس بن مالك، قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "مَنْ طَلَبَ القَضَاءَ وَاسْتَعَانَ عَلَيْهِ وُكِلَ إِلَيْهِ، وَمَنْ لَمْ يَطْلُبْهُ وَلَمْ يَسْتَعِنْ عَلَيْهِ أَنْزَلَ اللهُ مَلَكاً يُسَدِّدُهُ"، وأخرجه الترمذي، وقال: إنه حسن غريب.
وروى مسلم والبخاري [وغيرهما] مختصراً ومطولاً عن عبد الرحمن بن