ذلك؛ ليعلم أن المراد: ما يخاف عليه من هلاك دينه دون هلاك بدنه.
الثاني: أن الذبح الموحِي المريح للذبيحة إنما يكون بالسكين، فإذا كان بغير سكين كان خنقاً وتعذيباً؛ فضرب المثل؛ ليكون أبلغ في الحذر منه.
والأخبار المحذرة في هذا الباب كثيرة.
قال مجلي: قال بعض أصحابنا: وهذا إذا لم يستشعر من نفسه ميلاً. أما إذا استشعر فلا يجوز.
وقال في الوسيط: إن الأمر لا ينتهي إلى التحريم بمجرد الاستشعار.
قال: إلا أن يكون محتاجاً فلا يكره، أي: التعرض له؛ لطلب الكفاية، أو خاملاً، أي: غير مشهور بين الناس، فلا يكره؛ لنشر العلم.
وحكى ابن الصباغ عن بعض الأصحاب: أنه يستحب الطلب في هاتين الحالتين، وأنه يجوز بذل المال؛ لتحصيله، وقد وافق القاضي أبو الطيب هذا القائل في استحباب الطلب، وبه أجاب في "المهذب" و"التهذيب" في الحالة الثانية.
وحكى الزبيلي في "أدب القضاء" له عن بعض أصحابنا: أنه يستحب له طلب القضاء، ولم يقيده بحالة من الحالات، وحكاه مجلي- أيضاً- فيما إذا كان الرجل واثقاً بنفسه، وقال: إنه أقيس. ومثل الوثوق بالنفس بما إذا كان قد جربها بالولاية، وقد أبداه في "الوسيط" احتمالاً.
وعلى هذا الوجه ينطبق قول الأصحاب- كما حكاه مجلي وغيره-: إن تولي القضاء أهم من الجهاد؛ لأن الجهاد طلب الزيادة، والقضاء حفظ للحاصل وضبطه.
قال مجلي: وعنوا بذلك ما حصل من أحكام الشريعة؛ فإن ضبط أحكامها وحفظ نظامها من تطرق خلل ووقوع ذلك، أهم من ابتغاء سواه.
وهذا التعليل- كما قال [ابن] شداد في كتابه المترجم بـ "ملجأ الحكام عند التماس الأحكام"- يرشد إلى أن مرادهم الجهاد الذي أنشئ لاستزادة بلاد في خطة بلاد المسلمين، واستزادة أعداد من يقول بالإسلام، أما الجهاد الذي أنشئ لدفع