للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والمعتبر علمه من كلام العرب: صيغ الأمر والنهي، والخبر والاستخبار، والوعد والوعيد، والنداء، وأقسام الأسماء والأفعال والحروف، وما لابد منه في فهم معاني كلام الله- تعالى- وكلام رسوله محمد صلى الله عليه وسلم؛ لأن ذلك جاء بلغتهم؛ قال صلى الله عليه وسلم: "أَحِبُّوا الْعَرَبَ لِثَلاثٍ: لأَنِّي عَرَبِيٌّ، وَالْقُرْآنَ ‘َرَبِيٌّ، وَكَلامَ أَهْلِ الْجَنَّةِ عَرَبِيٌّ"، وكل [ذلك] محال على كتب الأصول.

قال بعضهم: وإذا تأملت ذلك علمت أن هذه الصفات قد عز وجودها في زمننا هذا في شخص من العلماء، بل وفيما تقدم عليه بكثير، روي أن الشيخ أبا بكر القفال المروزي إمام المراوزة وشيخهم قال: المسئول قسمان:

أحدهما: من جمع شرائط الاجتهاد، فيقضي ويفتي باجتهاده، وهذا لا يوجد.

والثاني: من ينتحل مذهب واحد من الأئمة: إما الشافعي، أو أبي حنيفة، أو غيرهما، [وعرف] مذهب إمامه، وصار حاذقاً فيه، بحيث لا يشذ عنه شيء من أصول مذهبه ومنصوصاته، فإذا سئل عن حادثة: فإن عرف لصاحبه نصّاً أجاب عليه، وإن لم تكن المسألة منصوصة فله أن يجتهد فيها على مذهبه ويخرجها على أصول صاحبه، ويفتي بما أدى إليه اجتهاده، وهذا- أيضاً- أعز من الكبريت الأحمر.

فإذا كان هذا قول القفال في ذلك الزمن، وفيه [تلامذته المشهورون] بصحبته أصحاب الوجوه في المذهب: كالقاضي الحسين، والفوراني، والشيخ أبي محمد والد الإمام، والصيدلاني، والشيخ أبي علي [السنجي]، المسمون بالمراوزة؛ لاشتغالهم عليه، وبالخراسانيين؛ لمقامهم بخراسان، وفيه- أيضاً- تلامذة الشيخ أبي حامد الإسفراييني بالعراق: كالمحاملي، والبندنيجي، وأقضى القضاة الماوردي، والقاضي أبي الطيب، والطبري وغيرهم- فما ظنك بهذا الزمن وقد عدم

<<  <  ج: ص:  >  >>