للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فيه أصحاب الوجوه، بل قد قيل: إنه عدم ذلك من حين وفاة من ذكرناهم؟!

لكن في "تعليق" القاضي أبي الطيب أن الشافعي لم يرد بذلك أن يكون في كل نوع منها مبرزاً حتى يكون في النحو مثل سيبويه، وفي اللغة مثل الخليل، وما أشبه ذلك؛ بل المعتبر من ذلك: ما يوصله إلى معرفة الحكم، وذلك ممكن.

وهذا ما حكاه ابن الصباغ مختصراً عند الكلام في الاستشارة عن الأصحاب، وقال: إن ذلك يسهل على متعلمه الآن؛ فإنه قد جمع ودون. وكلام الروياني قريب منه.

ويعضده قول الغزالي في الأصول: إنه لا حاجة إلى تتبع الأحاديث على تفرقها وانتشارها، ولكن يكفي أن يكون له أصل صحيح وقعت العناية فيه بجميع أحاديث الأحكام كسنن أبو داود. وقد سبقه بذلك البندنيجي.

قال الغزالي: ويكفي معرفة مواضع كل باب فيراجعه إذا احتاج إلى الفتوى في ذلك الباب، وإن كل حديث أجمع السلف على قبوله أو تواترت عدالة رواته لا حاجة إلى البحث عن رواته، وما عدا ذلك فينبغي أن يكتفي في رواته بتعديل إمام مشهور عرف صحة مذهبه في التعديل؛ لأن من درج في الأحوال الماضية لا يخبر ولا يشاهد حاله، وتواتر السيرة لا يكاد يوجد إلا في جماعة معدودين.

ثم زاد في التحقيقات في حق المفتي فقال: [إنه] لا يحتاج إلى ضبط مواضع الإجماع والاختلاف، بل يكفي أن يعرف في المسألة التي [يفتي] فيها أن قوله لا يخالف الإجماع، إما بأن يعلم أنه يوافق قول بعض المتقدمين، أو يغلب على ظنه أن الواقعة متروكة في ذلك العصر لم يخض فيها الأولون.

وعلى قياس هذا معرفة الناسخ والمنسوخ؛ فإنه إنما يشترط معرفة اجتماع هذه العلوم في المجتهد المطلق الذي يفتي في جميع أبواب الشرع، أما الذي ينتصب للاجتهاد في باب دون باب، كالناظر في مسألة المشرَّكة، فيكفيه معرفة أصول

<<  <  ج: ص:  >  >>