للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

للقضاء نفذت أحكامه للضرورة.

قال: وقيل: يجوز أن يكون أميّاً، أي: لا يكتب؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم كان أميّاً. وهذا أصح عند الإمام ومجلي والنواوي وغيرهم، وقال الإمام عند الكلام في الكاتب: إنه الذي عليه الأكثرون.

وقيل: لا يجوز؛ لأنه يحتاج أن يكتب إلى غيره، ويكتب إليه، وإذا قرئ عليه شيء فربما حرف القارئ، بخلاف الذين كانوا عند رسول الله صلى الله عليه وسلم فإنهم كانوا ثقاة، ولو حرفوا لعلمه من جهة الوحي. وأيضاً: فإن عدم الكتابة في حقه معجزة، و [هي] في حق غيره منقصة، وهذا ما اختاره في المرشد، وقد قيل: إنه صلى الله عليه وسلم كان يعرف الكتابة، ولكن منع منها؛ كي لا يتهمه الكفار في الوحي والكتابة، كذا قاله الجيلي، والصحيح أنه لم [يكن] يعرفها.

قال الرافعي في الباب الثاني في جوامع القضاء في فرع منه: وقد قيل: إن الوجهين في أنه [هل يجوز أن يكون القاضي أميّاً؟ يمكن بناؤهما على الوجهين في أنه] هل يجب على القاضي كتابة المحضر والسجل؟ وهذا قد نسبه صاحب "الإشراف" إلى القاضي. وفي "الوسيط" ما يقرب من هذا.

وقد اعتبر الأصحاب في صفات القاضي أموراً أخر سكت عنها الشيخ، [وقد] ظن به لذلك عدم اشتراطها:

فمنها: الإسلام؛ فلا يصح تولية الكافر على المسلمين؛ لقوله- تعالى: {وَلَنْ يَجْعَلَ اللَّهُ لِلْكَافِرِينَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ سَبِيلاً} [النساء: ١٤١]، وأي سبيل أعظم من القضاء؟! وكذا لا يصح توليته على أهل دينه؛ لأن من لا تصح ولايته على العموم لا تصح على الخصوص؛ كالصبي والمجنون طرداً، والمسلم عكساً، وقوله تعالى: {لا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاءَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ} [المائدة: ٥١]، فالمراد به: الموالاة، [لا الولاية].

<<  <  ج: ص:  >  >>