للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال الماوردي: وما يفعل في العرف فهو رعاية ورياسة، وليس بتقليد حكم وقضاء، وما يلزم من حكمه أهل دينه فلالتزامهم لا للزومه لهم، ولا يقبل الإمام قوله فيما حكم به، ولو امتنع بعضهم من التحاكم إليه مع بعض لم يجبروا. وقد ذكرت في باب عقد الذمة شيئاً يخالف ذلك، فيطلب منه.

وهذا الوصف قد يوجد [من] قول الشيخ: وأن يكون عالماً بالأحكام؛ لأنا قد ذكرنا أن المراد به المجتهد، والكافر ليس من أهل الاجتهاد؛ لاعتقاده عدم الحجة بالكتاب والسنة وإجماع الأمة، وقد قال الماوردي: إن من لا يعتقد من المسلمين أن خبر الواحد حجة، لا تصح توليته القضاء؛ كمن لم يعتقد أن الإجماع حجة، وكذا من نفي القياس واتبع ظاهر النص، وأخذ بأقاويل سلفهم فيما لم يرد فيه نص، مع حكاية خلاف عن أصحابنا في صحة تقليد أهل الظاهر؛ فالكافر بالمنع أولى، وقد جعل الرافعي الأظهر في أهل الظاهر جواز التقليد، وكلام الإمام يقتضي مقابله؛ لأنه قال في باب قطع اليد في السرقة: وقد ذكرنا مراراً في مواضع من الأصول والفروع أن أصحاب الظواهر ليسوا من علماء الشريعة، وإنما هم [نقلة إن ظهرت الثقة.

ومنها: السمع والبصر والنطق؛ فلا يصح] تقليد الأصم الذي لا يفهم عالي الأصوات؛ لأنه لا يفرق بين إقرار وإنكار. نعم، ثقيل السمع الذي يفهم عالي الأصوات ولا يفهم خافيها تجوز ولايته، قاله الماوردي والبغوي وغيرهما.

قال مجلي: وقد أشار الفوراني إلى جوازه للأصم؛ لأنه قال: هل يشترط العدد في المستمع بأن يكون القاضي أصم؟ فيه وجهان.

قلت: وهذا لا يدل على جوازه للأصم الذي لا يسمع أصلاً، بل المراد [به: الذي يسمع عالي الأصوات؛ لأن المستمع إنما يكون لمن يسمع، والأعمى] لا تصح ولايته؛ لأنه لا يفرق بين الطالب والمطلوب.

وفي "البحر" هنا و"زوائد" العمراني عند الكلام في شروط الإمامة العظمى

<<  <  ج: ص:  >  >>