للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

"التهذيب": أنه إما أن يسكت، أو يقول للآخر: سلم أنت أيضاً، فإن سلم ردها [جواب سلامهما].

واعترض الرافعي [على ذلك] بعد حكايته عن الأصحاب لا غير، فقال: في قوله للآخر: سلم أنت أيضاً، اشتغال [منه] بغير الجواب، ومثله يقطع الجواب، ثم قال: وكأنهم احتملوا ذلك كي لا يبطل معنى التسوية.

وقال الإمام: ما ذكره القاضي من امتناع الرد عندي سرف؛ فإن رد السلام محمول على ابتداء أحدهما بالسلام، وهذا مما لا يخفي ولا يظهر ميلاً.

قال: وإن كان أحدهما مسلماً والآخر كافراً، أي: محقون الدم- قدم المسلم على الكافر في الدخول، ورفعه عليه في المجلس؛ لما روى إبراهيم التيمي قال: رأى عليُّ بن أبي طالب درعاً على يهودي، [فقال] [علي]: درعي سقطت يوم كذا، فقال اليهودي: لا أدري ما تقول، درعي وفي يدي، وفي ذلك بيني وبينك قاضي المسلمين، فارتفعا إلى شريح وهو نائب عن علي- رضي الله عنه- فلما رآه قام عن مجلسه، قال بعضهم: فقال له عليّ: هذا أول جورك، ثم أسند ظهره إلى الجدار، وبعضهم قال: إنه لما قام عن مجلسه أجلسه موضعه وجلس مع اليهودي بين يديه، فقال علي- كرم الله وجهه-: إن خصمي لو كان مسلماً لجلست معه بين يديك والذي سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "لَا تُسَاوُوْهُمْ فِي المَجَالِسِ، وَلَا تَعُوْدُوْا مَرْضَاهُمْ، وَلَا تُشَيِّعُوا جَنَائِزَهُمْ، وَاضْطَرُّوْهُمْ إِلَى أَضْيَقِ الطُّرُقِ".

وهذا ما أورده القاضي أبو الطيب وابن الصباغ والروياني والغزالي في المجلس خاصة، وحكاه البندنيجي عن بعض الأصحاب ولم يحك سواه.

وفي "المهذب" و"الحاوي" حكاية وجهين في التسوية بينهما في المجلس:

أحدهما: ما ذكره الشيخ هنا وغيره، وهو المختار في المرشد والمذهب

<<  <  ج: ص:  >  >>