والثاني: يسوي بينهما [كما يسوي بينهما] في المدخل والكلام. وهذا التعليل منهما يدل على أنه لا خلاف في التسوية في الدخول.
وقال الرافعي: يمكن أن يكون الوجهان في رفع المجلس جاريين في سائر وجوه الإكرام، وقد صرح بذلك الفوراني قبله.
فرع: قال ابن الصباغ: الحاكم يجلس الخصمين بين يديه؛ لأن ذلك أمكن للحاكم في الإقبال عليهما والنظر في خصومتهما، وذلك على وجه الاستحباب، صرح به [في]"المهذب"، واستدل له بما روى عبد الله بن الزبير أن النبي صلى الله عليه وسلم قَضَى أَنَّ الْخَصْمَيْنِ يَقْعُدَانِ بَيْنَ يَدَيِ الْحَاكم. وقد خرجه أبو داود، لكن في رجاله مصعب بن ثابت المديني، ولا يحتج بحديثه. نعم، قد يستدل له بالخبر الذي ذكرناه عن علي- كرم الله وجهه- عند الكلام في كتاب العهد والتوصية بتقوى الله تعالى.
وقد أشار الشيخ إلى هذه الهيئة بقوله في الباب الثاني: إذا جلس بين يدي القاضي خصمان، [قال الأصحاب: وإذا كان الخصمان] شريفين فلا بأس أن يجلس أحدهما عن يمينه والآخر عن يساره، لكن الأولى الجلوس بين يديه؛ تأدباً مع الشرع، وتواضعاً لله تعالى.
قال الماوردي: ولا يسمع الدعوى بينهما وهما قائمان، حتى يجلسا بين يديه تجاه وجهه، ومن عادة جلوس الخصوم أن يجلسوا في التحاكم بروكاً على الركب؛ لأنه عادة العرب في التنازع، وعرف الحكام في الأحكام، لكن إذا كان التخاصم بين نسوة جلسن متربعات؛ لأنه أستر لهن، وإن كان بين رجل وامرأة برك الرجل وتربعت المرأة. قال: وإذا جلس الخصمان تقاربا، إلا أن يكون أحدهما رجلاً والآخر امرأة غير محرم له؛ فيتباعدا ولا يتلاصقا.