وينبغي أن يكون مجلس الخصوم عند القاضي أبعد من مجالس غيرهم؛ ليتميز به الخصوم من غيرهم، وأبعد ما يكون [الخصمان أن يسمع كلامهما، وكذا أبعد ما يكون] بينهما: أن يسمع كل منهما كلام الآخر، ولو تقدم أحد الخصمين في الجلوس وتأخر الآخر، [فالأولى أن ينظر القاضي: فإن كان المتقدم قد جلس في مجلس الخصوم [وتأخر عنه الآخر] قدمه إليه، وإن كان المتأخر قد جلس في مجلس الخصوم] وتقدم الآخر أخره إليه، ولو رد المتقدم وقدم المتأخر كيف كان، جاز، قاله الماوردي.
ولو كان الخصم وكيلاً وحضر موكِّله مجلس المخاصمة، حكى الزبيلي في "أدب القضاء" له: [أنه] يجب أن يكون الوكيل والموكل والخصم مستوين، فلا يجوز أن يكون الموكل بجنب القاضي، [ويقول: وكيلي جالس مع الخصم.
وإذا دخل خصم دون خصم، فقام له القاضي]: إما ظناً منه بأنه لم يأته محاكماً، أو جهل ذلك، أو ارتكب المحذور فيه- قال ابن أبي الدم: فإما أن يقوم لخصمه كقيامه له؛ جبراً لما فعله؛ أو يعتذر إليه بأنه قام له ولم يشعر بمجيئه محاكماً.
قال: ولا يضيف أحدهما؛ لقوله صلى الله عليه وسلم:"لَا تُضِفْ أَحَدَ الخَصْمَينِ إِلَّا وَمَعَهُ خَصْمُهُ"، وروي عن عمر بن عبد العزيز أنه كان إذا ادعي عنده على شريف حجبه حتى يقضي بينه [وبين خصمه]؛ ولأنه إذا أضاف أحد الخصمين [انكسر قلب صاحبه.
وحكى ابن أبي الدم عن أبي القاسم الداركي أنه قال: هذا إذا كانت دار الخصم