للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بعيدة عن دار القاضي، أما إذا كان [أحد الخصمين]] جاراً للحامك أو من أقاربه، جاز للقاضي أن يدعوه إلى [داره وضيافته]؛ لأن فيه قضاء حق الجوار والقرابة؛ فلا تهمة. وقال: هذا عندي على العكس؛ فإن التهمة تتمكن من الجار والقريب أكثر من البعيد؛ لقربهما من قلب الحاكم ومودته؛ ولذلك منع الحكم للفروع والأصول، والزوج والزوجة على رأي، ثم يلزم على ذلك جواز قبول هدية أحدهما إذا كان جاراً أو قريباً، ولا قائل به مع قيام الخصومة.

قال: ولا يشاوره ولا يلقن أحداً دعوى ولا حجة، أي: مثل أن يقول: قل كذا؛ لما في ذلك من إظهار الميل المؤثر كسر قلب الآخر، وقد يفضي ذلك إلى تعطيل حجته.

قال القاضي أبو الطيب: وضابطه: ألا يلقن أحدهما ما فيه ضرر على الآخر، ولا يهديه إليه، مثل أن يقصد [الإقرار فيلقنه [الإنكار، ويقصد] النكول فيجرِّئه على اليمين، أو يقصد] اليمين، فيلقنه النكول، وكذا إذا توقف الشاهد في أداء الشهادة لا يجرِّئه عليها، وإذا أقدم عليها لا يوقفه عنها، إلا في الحدود التي تدرأ بالشبهات؛ لأن ذلك يضر بأحد الخصمين، [وذلك لا يجوز، وكذا] لا يجوز أن يتعنت الشاهد، كما نص عليه الشافعي، رضي الله عنه.

وعنت الشاهد قد يكون من ثلاثة أوجه؛ كما قال الماوردي:

إظهار المنكر عليه والاسترابة، وهو ظاهر الستر، موفور العقل، وهذا ما أورده أبو الطيب وابن الصباغ.

والثاني: أن يسأله من أين علمت ما شهدت به؟ وكيف تحملت؟ ولعلك سهوت؟ وهذا عندي داخل في الأول؛ لأن هذا إنما يفعل مع المستراب.

والثالث: أن يتتبعه في ألفاظه ويعارضه إلى ما جرى مجرى ما ذكرناه؛ لأن عنت الشاهد قدح فيه، وميل على المشهود له، ومفض إلى ترك الشهادة عنده.

<<  <  ج: ص:  >  >>