[ثم] كما لا يعتد باستحلاف القاضي قبل الطلب لا يعتد [باليمين أيضاً] بعد الطلب وقبل إحلاف القاضي كما صرح به القاضي الحسين.
وفي "الحاوي": أنه هل يجوز للقاضي أن يعرض عليه اليمين قبل مسألة المدعي إذا لم يعتد باليمين قبل الطلب؟ فيه وجهان:
أحدهما- عن ابن سريج-: أنه يجوز؛ ليعلم إقدامه عليها فيعظه [أو يحذره]، وقال في باب موضع اليمين: لو فوض الحاكم إلى الحالف اليمين، فاستوفاها على نفسه- كان الحاكم مقصراً، وهل يجوز؟ فيه وجهان محتملان:
أحدهما: يحتسب بها؛ لأنها باجتهاد الحاكم وعن أمره.
والثاني: لا؛ لأنها تصير محمولة على نية الحالف، وهي مستحقة على نية المستحلف؛ فكانت غير مستحقة.
فرع: لو قال المدعي للمدعى عليه: قد أبرأتك عن اليمين؛ سقط حقه من اليمين في هذه الدعوى، وله استئناف الدعوى وتحليفه، ذكره في "التهذيب" و"المهذب"، ويظهر أن ذلك مبني على مذهب العراقيين الذي سنذكره.
أما إذا قلنا بمذهب المراوزة فيظهر ألا تسوغ الدعوى عليه ثانياً.
قال: وإن نكل [المدعى عليه] عن اليمين، أي: بأن قال بعد قول القاضي له قل: بالله، [أو: احلف بالله]-: لا أحلف، أو: أنا ناكل، [وهو عارف بمعنى النكول]- رد اليمين على المدعي؛ أي: إذا كان الحق له؛ لأن عمر- رضي الله عنه- بدأ باليمين على المدعى عليهم، ولما لم يحلفوا ردها على المدعين، وقد رَوَى ابْنُ عُمَرَ- رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا- أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم رَدَّ اليَمِيْنَ عَلَى طَالِبِ الحَقِّ، وسنذكر في باب اليمين في الدعاوى ما يقوي ذلك.