للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الحق ولكنه ينفع في الحق هل تسمع أم لا؟ وفيها خلاف سنذكره، والذي قطع به القاضي الحسين منهما في الكرة الثانية، وبه أجاب في "التهذيب": السماع ها هنا؛ فعلى هذا: إن حلف: إنه ما حلفه، فذاك، وإن نكل حلف هو وتخلص عن الخصومة، وله في هذه الصورة إقامة البينة.

ولو قال المدعي: قد حلفني على ذلك، فحلفه: إنه ما حلفني إني ما حلفته- لم يسمع؛ للتسلسل، وكون المدعي أحق بالحلف؛ لأنه الطالب، كذا حكاه الغزالي وغيره، وفي "البحر" نسبة ذلك إلى تخريج ابن القاص، على أن الرافعي حكى عن ابن القاص أنه قال بعدم سماع [دعوى] المدعى عليه أنه حلفه.

قال: فإن حلف استحق؛ لأنه فائدة الرد.

وحكى في "الإشراف" وجهاً آخر أن الحق لا يجب إلا بحكم الحاكم، وأشار إلى بناء الوجهين على أن يمين الرد كإقرار الخصم أو كالبينة المقامة عليه؛ وفيها قولان مشهوران، وقال الإمام: إنهما مستنبطان من كلام الشافعين رضي الله عنه.

قال القاضي الحسين: فكأنا على قولٍ نغلب جانب المدعى [عليه، وننزل النكول من جهته منزلة الإقرار، وعلى قولٍ نغلب جانب المدعي] وننزل ما يأتي به منزلة بينة يقيمها، والصحيح من القولين في "المهذب" في كتاب النكاح وغيره، وفي "الرافعي" وغيرهما، وهو المنصوص في "المختصر"-: أنها كالإقرار؛ لأن النكول صادر من جهة المدعى عليه واليمين مترتبة عليه.

وعلى ذلك ينطبق قول ابن الصباغ في باب دعوى الدم: إن قولنا: إنها كالبينة، قول ضعيف. [واستدل على ضعفه في باب] النكول ورد اليمين بأن القاذف لو ادعى على المقذوف أنه زنى؛ فنكل، وحلف هو- سقط عنه الحد، ولا يجب على المقذوف حد الزنى، وكذا لو ادعى على شخص سرقة نصاب، فنكل، وحلف هو- وجب المال دون القطع، ولو كان كالبينة لوجب الحد في الصورتين؛ فدل على أنه

<<  <  ج: ص:  >  >>