للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الصور الثلاث، وقد قال القاضي أبو الطيب: إن الماء المختلف في كونه مملوكاً هو كل ما ينبع في ملكه من بئر أو عين، وأما الماء الجاري في النهر المملوك، فلا يملك؛ كما إذا جرى الفيض إلى ملك رجل، واجتمع فيه، ولم يملكه، ولكن يكون أهل النهر أولى به؛ لأن يدهم عليه، وليس لأحد أن يزاحمهم فيه؛ لأن النهر ملك لهم.

وعلى هذا جرى ابن الصباغ، والمتولي، والبغوي، وكلام الإمام موافق لكلام الشيخ؛ فإنه قال: إن الماء الذي يجري في النهر المملوك كماء القنوات مملوك على الرأي الظاهر لمالك القناة، وكل من تصرف فيه بما ينقصه ويظهر نقصه، فهو ممنوع منه، وما لا يظهر له أثر: كالشرب، أو كسقي دواب معدودة، وكأخذ قرب- فقد ذهب ذاهبون: أنه لا يسوغ المنع من هذا القدر.

قال الإمام: وهذا بعينه هو الذي نقلته عن شيخي، وأنكرته، وكأنه انتفاع بما هو مملوك.

وذهب القاضي وطبقته [من] المحققين إلى إجراء القياس والمصير إلى أن للملاك أن يمنعوا من هذا، وما درج عليه الأولون من التسامح فيه محمول على أن الناس لا يضنون بهذا القدر؛ فصارت قرائن الأحوال بمثابة التصريح بالإباحة.

قال: فإن أرادوا سقي أراضيهم من ذلك الماء بالمهايأة، جاز، أي: فيجعل لكل منهم شرب يوم معلوم؛ كالمهايأة في المنافع، ويخالف المهايأة، في لبن الشاة والبقرة- كما ذكرنا- لأن ذلك مجهول، وهذا ما جزم به [في] "التهذيب".

وعن القاضي الحسين: أن المهايأة لا تصح في الماء- أيضاً- لأن النوب تختلف من وجهين:

أحدهما: أن الماء يزيد وينقص.

والآخر: أنها تتفاوت في حاجات الدهقنة، فليس ما يقع من النوبة الأولى كما يقع في النوبة الأخيرة.

ثم على الأول: إذا صحت، فهل تلزم؟ حكى الإمام فيها وجهين، وعند الاختصار

<<  <  ج: ص:  >  >>