قال ابن الصباغ: وهذا وجه جيد، غير أن الذي شبه به قد اختلف أصحابنا فيه، فمنهم من جوزه، لكن يمكن على هذا أن يفرق بينها وبين الأرض؛ لأن الدار لا يستطرق منها إلى [الدرب، وإنما يستطرق منها إلى] الأخرى، ومن الأخرى إلى الدرب، وهاهنا يحمل الماء في الساقية إليها؛ فيصير لها رسم في الشرب.
وفي "التتمة" حكاية وجه: أنه يجوز له أن يسقي بهذا الماء بعد القسمة أرضاً أخرى، وقال: إنه شبيه بالوجه المجوز لفتح باب بين الدارين. وقد تقدم الفرق بينهما.
نعم، قال ابن الصباغ: لو أراد أن يفعل مثل هذا في النهر الذي ليس بمملوك، فينبغي أن يجوز.
تنبيه: الشرب- بكسر الشين-: النصيب من الماء، وهو المراد هنا، وأما مصدر شرب يشرب، [فهو بضم] الشين، وفتحها، وكسرها، ثلاث لغات.
قال: وإن كان ماء مباح في نهر غير مملوك- أي: وهو صغير، قال الماوردي:[وقد] يسمى: ساقية- سقى الأول أرضه حتى [يبلغ إلى الكعب]، ثم يرسله على الثاني، وهكذا يسقي الثاني أرضه حتى يبلغ إلى الكعب، ثم يرسله إلى الثالث، ويقدم الأقرب إلى أول النهر، فالأقرب.
والأصل في اعتبار ذلك حديثان:
أحدهما: ما روي أن رجلاً خاصم الزبير في شراج الحرة التي يسقون بها، فقال الأنصاري: سرح الماء يمر، فأبى عليه الزبير، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"اسق يا زبير، ثم أرسل الماء إلى جارك"؛ فغضب الأنصاري، وقال: يا رسول الله، أن كان ابن عمتك!! فتلون وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال:"اسق يا زبير، ثم احبس الماء حتى يبلغ إلى الجدر".
والثاني: ما روى أبو داود: أن رجلاً من قريش كان لهم سهم في بني قريظة،