للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فخاصم إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم في نهر، والسبيل الذي يسقون ماءه، فقضى بينهم رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أَنَّ الْمَاءَ إِلَى الْكَعْبَيْنِ، ثُمَّ يَحْبِسُهُ الأَعْلَى عَنِ الأَسْفَلِ؛ كَيْ يُرْسِلَهُ إِلَيْهِ".

فالحديث الأول دل على اعتبار الأقرب فالأقرب، إذا استكفى يرسله إلى جاره، والثاني دل على ذلك، وعلى اعتبار الكعبين.

وقد يستدل للمجموع بما روى عبادة بن الصامت: أن النبي صلى الله عليه وسلم قضى في شرب النخل من السبيل إلى الأعلى أن يشرب قبل الأسفل، ويجعل الماء فيه إلى الكعبين، ثم يرسل الماء إلى الأسفل الذي يليه، وكذلك حتى تنقضي الأرضون.

وقد تقدم شرح ألفاظ الحديث [الأول]، وذكر رواية في كتاب الأقضية، وتكلم الأصحاب هاهنا في تأويل قصة الزبير:

فقال بعضهم- كما حكاه ابن الصباغ-: إنما أمر الزبير بأن يستوفي أكثر من حقه؛ عقوبة للأنصاري؛ حيث لم يرض بقضائه.

وقال أبو جعفر الترمذي: كان النبي صلى الله عليه وسلم قد استنزل الزبير عن بعض حقه حين أذن له أن يسقي ولا يحبس الماء، فلما لم يقبل الأنصاري ذلك، أمره أن يستوفي حقه؛ وهذا ما أورده القاضي أبو الطيب، وهو الأشبه.

فإن قيل: ففي الحديث الآخر: أنه علق الحق بأن يبلغ الماء إلى الكعبين، وهذا مخالف لذلك.

قال القاضي أبو الطيب: قلنا: ليس فيهما خلاف؛ لأن الماء إذا بلغ إلى الكعبين، وكانت الأرض مستوية، رجع الماء إلى الجدر.

وما ذكره الشيخ هو المشهور.

وفي "التتمة": أن المرجع في قدر السقي إلى العرف والعادة، فإن كان الذي ملكه في أول النهر بستاناً والأشجار مغروسة على جداول؛ [فيحبس الماء حتى تمتلئ الجداول، ويصل إلى أصول الأشجار، وإن كانت الأرض قطعاً] فيحبس الماء حتى يصل إلى الكعبين.

<<  <  ج: ص:  >  >>