نعم، الخلاف المشهور فيما إذا اختلف المالك ومن في يده العين في الإجارة والإعارة، هل المصدق المالك أو الآجر في استحقاق الأجرة أو قيمة العين، أو نفي ذلك، لا في أنه يصدق في عقد الإجارة حتى يتمكن من استيفاء المنافع إذا كان الاختلاف في أول المدة أو انتهائها؛ وحينئذٍ فلا يتجه التخريج المذكور منهما، والله أعلم.
الفرع الثالث: إذا كانت في يد شخص دار، فتنازع فيها نفسان، فقال أحدهما: كلها [لي]، وأقام على ذلك بينة، وقال الآخر: نصفها له، وأقام على ذلك بينة تعارضت البينتان في أحد النصفين، دون الآخر.
فإن قلنا بالتساقط، فكأن لا بينة في النصف المتعارض فيه، وهل تبطل الشهادة في النصف الآخر؟ قال ابن سريج: فيه وجهان؛ كما لو ردت الشهادة في بعض ما شهدته به للتهمة؛ فإن في [الباقي قولين].
قال الشيخ أبو حامد: وهذا سهو منه، بل لا يرد هاهنا في النصف الآخر قولاً واحداً، ويسلم لمدعي الكل؛ لأن سقوط هاهنا بالتعارض، وهو لا يسقطها فيما بقي. وهذا ما أورده الماوردي، وقال: إن يد الثالث هل تزال عن النصف الآخر إذا كان يدعي الدار ملكاً؟ فيه وجهان:
أحدهما: لا؛ لسقوط البينتين بالتعارض.
والثاني: تزال؛ لاتفاق البينتين على عدم ملكه، وليس تعارضهما في حقه، وإنما تعارضهما في حق المتنازعين.
ولو لم يكن من في يده العين قد ادعاها ملكاً لنفسه، نزعت يده، ووقفت للمتنازعين، وهكذا على الوجه الثاني في المسألة السابقة، فإن حلفا جعل بينهما؛ فيكمل لمدعي الكل النصف والربع، ويكون لمدعي النصف الربع لا غير.
وإن نكلا، حكم لمدعي الكل بالنصف، وبقي [النصف] الآخر موقوفاً، فإن حلف أحدهما، ونكل الآخر، قُضي به للحالف؛ وهذا كله على قول التساقط.