والثالث: حكاه في ((التهذيب)) - أيضًا-: أنه لا يقضي عيه، والذي ذكره صاحب ((التخليص))، قال الإمام: إنه المنصوص.
قال البندنيجي والقاضي الحسين: واليمين فيه واجبة قولًا واحدًا.
قال الإمام: وفيه وقفة، لأنه قد ادعى [الصبا]، وتحليف من ادعى الصبا متناقض.
وقد أجاب عنه أبو علي بأنا عولنا في تحليفه على الإنبات، [فإن ظاهره] يكذبه في دعواه مع أنه مشكل، أما إذا قلنا: إن الإنبات عين البلوغ، فلا فائدة لقوله أصلا، ويقتل.
وما ذكره ((التلخيص)) في الصبي إذا ادعى أنه بالغ، وطلب السهم من الغنيمة- ففي ((التهذيب)) أنه قاله تخريجًا، وأن بعض أصحابنا قال: إنه يعطى عند الامتناع من اليمين، لأن الظاهر استحقاقه بحضور الوقعة، وأن منهم من قال: إنه يقبل قوله بلا يمين، ويعطى [السهم]، وإليه ذهب الشيخ أبو زيد، لأن احتلامه لا يعرف إلا من جهته، فهو كما علق العتق بمشيئة غيره، فإنه يصدق بغير يمين.
فرع: قيم المسجد والوقف، هل يحلف إذا نكل المدعى عليه؟ فيه ثلاثة أوجه، حكاها القاضي الحسين، وتبعه البغوي، ثالثها: إن باشر السبب نفسه حلف، وإلا فلا.
فإن قلنا: لا يحلف، فهل نقضي عليه بالنكول؟ فيه وجهان:
أحدهما: نعم، للضرورة.
والثاني: لا، ولكن يوقف حتى تقوم بينة، أو إلى قيام الساعة يعاقب عليه يوم القيامة.
قال: وإن كان الحق لمعين- أي: يمكن تحليفه- ردت اليمين [على المدعي]، لقوله تعالى:{أَوْ يَخَافُوا أَنْ تُرَدَّ أَيْمَانٌ بَعْدَ أَيْمَانِهِمْ}[الآية][المائدة:١٠٨]- أي: الامتناع من الإيمان الواجبة، فدل على نقل الإيمان.
وقد روي أنه صلّى الله عليه وسلّم قال:((من طلب طلبةً بغير بينة، فالمطلوب أولى باليمين من الطالب)).