للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وصيغة ((أفعل)) حقيقة في الاشتراك، وإذا كان كذلك، اقتضى أن يكون للطالب حق في اليمين، وإلا لما كان المطلوب أولى منه، وحينئذ فيكون المدعى عليه أولى في الابتداء، وتنقل عند امتناعه في الانتهاء، ويدل عليه ما روى الليث بن سعد عن نافع [عن] ابن عمر أن النبي صلّى الله عليه وسلّم رد اليمين [على] طالب حق. [ذكره] الوليد في ((المستخرج)) والدارقطني في اليمين مع الشاهد.

وقد رد اليمين على عمر فحلف، وعلى زيد بن ثابتٍ فحلف، وعلى عثمان بن عفان- ردها عليه المقداد بين دي عمر- فلم يحلف، وقال: خشيت أن يوافق قدرٌ بلاءً، فيقال: بيمينه. وهذا مستفيض في الصحابة، ولم يظهر منهم مخالف، فثبت أنه إجماع.

أما إذا لم يكن تحليف صاحب الحق في الحال: كالصبي، والمجنون- فقد حكى القاضي الحسين في كتاب الأضحية عن صاحب ((التلخيص)): أنه يقضي بالنكول.

والمشهور: انتظار البلوغ والإفاقة، كما تقدم.

قال: وإن كانت الدعوى في دم- أي: بسبب قتل خطأ، أو عمد، أو عمد خطأ- فإن كان هناك لوث، حلف المدعي خمسين يميناً، ويقضى له بالدية.

الأصل في ذلك ما رواه الشافعي بسنده في حديث طويل عن سهل بن أبي حثمة أنه حدثه رجال من كبراء قومه: أن محيصة وعبد الله بن سهلٍ خرجا إلى خيبر، فلما دخلا تفرقا في حوائجهما، فقتل عبد الله بن سهلٍ، فاتهموا اليهود، فجاء أخوه عبد الرحمن بن سهلٍ، وابنا عمه حويصة، ومحيصة- إلى النبي صلّى الله عليه وسلّم فابتدأ محيصة يخبره بذلك، فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: ((كبر كبر)) يريد السن، فتكلم حويصة، لأنه الأكبر، ثم تقدم محيصة، فأخبره بما عنده، فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: ((إما أن تدوا صاحبكم وإما أن تأذنوا بحرب من الله))، فكتب إليهم رسول الله صلّى الله عليه وسلّم بذلك، فكتبوا: إنا والله ما قتلنها، فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم لحويصة ومحيصة

<<  <  ج: ص:  >  >>