وقال آخرون- ومنهم القاضي أو الطيب-: إنها اسم للحالفين الذين يحلفون على استحقاق دم القتيل، وهو ما حكاه الأزهري عن أهل اللغة، وكذلك البندنيجي.
وقال أبو الطيب وغيره: إن الفقهاء يسمون الأيمان: قسامة.
وقال البندنيجي: إن القسامة في الشرع: كثرة الأيمان.
قال الإمام: ولا اختصاص لها بأيمان الدماء، إلا أن الفقهاء استعملوها فيها، وأصحابنا يستعملونها في الأيمان التي تقع البداءة فيها بالمدعي.
قلت: واستعمال الفقهاء هو الذي حكاه ابن فارس، والجوهري، حيث قال: القسامة: [هي] الأيمان تقسم على الأولياء في الدم، والله أعلم.
قال: وإن كانت الدعوى في قتل عمد، ففي القود قولان:
أصحهما: أنه لا يجب، لأنه صلّى الله عليه وسلّم ((كتب إلى يهود: إما أن تدوا صاحبكم، أو تأذنوا بحربٍ))، فأطلق إيجاب الدية، ولم يفصل، فلو صحت لإيجاب القصاص لبينة.
ولأن أيمان المدعين لا يثبت بها النكاح، فوجب ألا يثبت بها القصاص، كشهادة النسوة، ورجل وامرأتين.
وعلى هذا قال الأصحاب: تجب الدية مغلظة في مال الجاني، وهذا القول هو الجديد.
ومقابله: أن القود يجب، كما رواه أبو ثور، وهو معزي إلى القيدم في ((الحاوي)) وغيره، ووجهه: قوله صلّى الله عليه وسلّم: ((أتحلفون وتستحقون دم صاحبكم؟)) أي: دم قاتل صاحبكم.
وقد روى أبو داود عن عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده ((أن النبي صلّى الله عليه وسلّم قتل في القسامة رجلًا من بني النضر بن مالكٍ)).