وروى مسلم، والبخاري: أنه صلّى الله عليه وسلّم قال: ((يحلف منكم خمسون رجلًا: إن واحدًا منهم قتله، فيدفع برمته، وألزمه الحبل)).
ولأن هذه حجة يثبت بها العمد، فوجب أن [يثبت] بها القصاص، كشهادة الرجلين.
وأن اليمين المنقولة يثبت بها القصاص، فكذلك اليمين المبتدأة.
وعلى هذا: لو كان المدعى عليهم القتل جماعة، فهل يقتلون بجملتهم بعد الأيمان، أو واحد منهم؟
الذي ذهب إليه عامة الأصحاب: الأول، لأن ما كان حجة في قتل الواحد، كان حجة في قتل الجماعة، كالشاهد.
وحكى الماوردي: أن الربيع حكى قولًا لنفسه: [أنه] لا يقتل بها أكثر من واحد، وبه قال ابن سريج، لحنًا للدماء، ولضعف القسامة.
وقال ابن سريج: أجعل للولي أن يقتل واحداً منهم باختياره، ويأخذ من الباقين أقساطهم من الدية.
وروى أبو ثور عن الشافعي أنه قال في القديم: لا أقتل بها أكثر من اثنين.
وقد أجاب القائلون بالجديد عن الحديث الأول بأنا نضمر: قتل صاحبكم.
وعن الثاني: بأنه يحتمل ألا يكون هناك لوث، ووجب اليمين على المدعى عليهم، فنكلوا عن اليمين، فردت على المدعي، فاستحق القصاص، لأنه يمين منقولة.
وعن الثالث: أن المراد: دفعه، لتؤخذ منه الدية لا القود.
وعن الرابع: أنه ينتقض بما إذا ثبتت السرقة بشهادة رجل وامرأتين، فإنه يثبت بها المال دون القطع.
وعن الخامس: أن اليمين المنقولة انضم إليها جحود المدعى عليه، وهي عندنا إما كإقرار الخصم أو كالبينة، وكل منهما يوجب القود.
قال: وإن كان المدعي جماعة، ففيه قولان: