للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقد خص البندنيجي وابن الصباغ والبغوي والمتولي هذه القلولين في الرد بما إذا كانت الدعوى في قتل الخطأ، أو شبه العمد، أو في قتل العمد، وقلنا: إن القود يثبت بيمين القسامة، أما إذا قلنا: لا يثبت، فترد اليمين على المدعي بلا خلاف، لأنه يستفيد بها [ما لا يستفيد] بأيمان القسامة، وهو الاقتصاص.

فإن قلت: هذا منهم رجوع إلى طريق الشيخ أبي محمد في بناء القولين على تعدد يمين الرد واتحادها، نظرًا إلى حصول فائدة من هذه اليمين- لم تكن حاصلة من اليمين الأولى، وقضيته: الجزم بأن المدعي قتل العمد لو أقام شاهدًا واحدًا، وامتنع من الحلف حيث يثبت له المال بيمينه- كما سنذكره- وطلب يمين المدعى عليه، فنكل- أن يرد على المدعي، لأنه لم يكن يستفيد باليمين الأولى القصاص، وبهذه يستفيده، وحينئذ ففي الجزم عند ظهور الفائدة نظر، لأنه إنما جاء من جهة أن اختلاف الثمرة يدل على اختلاف اليمينين، فلم تكن المردودة هي التي وقع [النكول عنها]، وإذا كان كذلك لزم] الجزم بالرد وإن لم تظهر فائدة فيه، لأن حقيقة يمين الرد لا تختلف، سواء ظهرت فائدة في بعض الصور، أو لم تظهر.

نعم، هذا يحسن أن يعلل به الصحيح من القولين، والآخر يعلل بأن الواقعة واحدة، بدليل أنه [لا] يحتاج إلى استئناف دعوى، وكذلك حكى الأصحاب القولين كما حكيتهما في باب صفة القضاء فيما إذا أقام المدعي شاهدًا بالمال، وامتنع من الحلف، ونكل المدعى عليه عن اليمين التي ردها عليه المدعي، فهل يحلف المدعي؟ فجرى القولان وإن لم تظهر فائدة.

وكذلك حكوا القولين فيما إذا كانت الدعوى في دم، ولا لوث، فعرضت اليمين على المدعى [عليه، فنكل، فعرضت اليمين على المدعي] فنكل، ثم ظهر لوث، ورام المدعي أن يحلف- فهل يمكن منه؟ وقضية ما قالوه الجزم بعدم التحليف، لعدم ظهور الفائدة.

قلت: ما ذكرته من كون هذا رجوعًا إلى طريق الشيخ أبي محمد لا يأباه كلامهم، ولو صح لكان اللازم [عليه] صحيحًا، لكن كلام الشافعي يأباه، ويأبى

<<  <  ج: ص:  >  >>