أحدهما على القتل عمدًا، والآخر أطلق الشهادة بالقتل، فإنه يثبت أصل القتل جزماً
وعلى هذا قال الإمام: فالفرق أن شهادتهما إذا اختلفت في الآلة والزمان متكاذبتان في أمر محسوس، وإذا تعرضتا لذكر العمد والخطأ فيهما مطلقتان، فقد يحسب أحدهما العمد خطأ، والآخر الخطأ عمدًا. ثم قال: وهذا تكلف، والأصح أن أصل القتل لا يثبت في تلك المسألة أيضًا.
وقد سلك غيره فيها طريقًا آخر، واختلفوا فيه.
والماوردي قال: إذا وقعت الشهادة من أحدهما بالقتل عمدًا، ومن الآخر بالقتل خطأ- سأل القاضي كل واحد من الشاهدين عن صفة القتل الذي شاهده، فإن اتفقا عليها وجب على الحاكم اعتبار ذلك، فإن كان عمدًا حكم فيه بالقود، وإن كان خطأ حكم فيه بالدية على العاقلة.
وإن اختلفا في الصفة فهو تعارض، لا يحكم فيه بعمد ولا خطأ.
قلت: وفيما ذكره نظر، لأنه جزم فيما إذا اتفقا على صفة واحدة: أنه يعمل بموجبها، فإن كانت المسألة مصورة عنده بما ذكرناه من دعوى الولي العمد، فكيف يحكم بشهادة من شهد بالخطأ، وهو غير المدعي؟!
وكذا إن كانت المسألة مصورة بما إذا ادعى الولي القتل خطأ، فكيف يحكم بالعمد، ودعوى الولي تنافيه؟!
وقد صرح البغوي بأن الولي إن كان قد ادعى العمد- كما ذكرناه- فشهادة شاهد الخطأ لغو، فيحلف المدعي خمسين يمينًا، ويثبت موجب القسامة.
وإن كان قد ادعى القتل خطأ كانت شهادة العمد لغوًا، فيحلف المدعي مع شاهد الخطأ، وتجب الدية على العاقلة.
فهكذا ينبغي أن نقول عند اتفاق الشاهدين على صفة واحدة: لا يعمل بها إذا لم تكن موافقة للدعوى، وإن كانت المسألة مصورة عنده بما إذا أطلق الولي الدعوى، وجوزناه- كما حكيناه وجهًا- فينبغي أن يخرج بطلان شهادة من خالف [تفسيره عند الاستفصال ما شهد به على ما ادعى الولي القتل: عمدًا، أو خطأ، فاستفسر]، فظهر: أنه خلاف ما ادعاه، فإن في بطلان الدعوى خلافًا تقدم، فإنه