للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لا فرق بينهما، بل يظهر أن يكون بطلان الشهادة أولى.

وابن الصباغ لما جزم بأن أصل القتل يثبت، قال: إنه يسأل الجاني، فإذا أقر بالعمد ثبت، وإن أقر بالخطأ، وصدقه الولي فذاك، وإن كذبه الولي، فللولي أن يقسم، لأن له بما ادعاه شاهدًا واحدًا، وذلك لوث، فإن حلف ثبت له القصاص في قوله القديم، والدية في الجديد في مال الجاني حالة، مغلظة. وإن لم يحلف حلفنا الجاني، فإن حلف وجبت في ماله [مخففة]، لأن الإقرار لا تحمله العاقلة. وإن نكل: فإن رأينا رد اليمين على المدعي، فحلف- ثبت موجب العمد، وإن نكل، أو قلنا: لا ترد عليه- ثبت أخف الديات، وهي دية الخطأ في مال الجاني، مؤجلة، لأنا لا نوجب على العاقلة دية ما لم يثبت أنه خطأ، وقد ثبت وجود القتل منه، فالظاهر وجوب الدية عليه، فأوجبناها.

قلت: وهذا منه يدل على أن الحكم في هذه الحالة وقع عليه بالدية بموجب البينة، لا بإقراره بعد إقامة البينة: أن القتل وقع خطأ، بخلاف ما إذا حكمنا عليه بها، وقد صدقه الولي على قتل الخطأ، ومساق كلامه يقتضي أن المسألة مصورة بما إذا كان الولي قد ادعى قتل العمد كما صورنا المسألة، وإلا لما حسن منه أن يقول: فإن كذبه الولي فله أن يقسم، ويثبت القصاص في قوله القديم ... إلى آخره.

وإذا كان كذلك فقد قدمنا أن شهادة شاهد الخطأ لغو، وإذا كانت لغوًا فكيف يمكن القول بإيجاب الدية مع أنه لم يكن معه [على] أصل القتل إلا شاهد واحد مجرد عن اليمين، وهي لا تثبت به؟!

فإن قلت: لا نسلم حصر تصوير المسألة فيما ذكرت، بل يجوز أن تكون [مصورة] بما إذا كان الولي قد ادعى القتل مطلقًا، وجوزناه، كما حكاه قبيل باب دعوى الدم عن أبي إسحاق، ووجهه: بأن الدعوى في ذلك تكون بالظن دون العلم والمشاهدة، وحينئذ تكون الشهادتان مسموعتين، فلا منافاة بين قوله وبين [هذا] التصوير.

قلت: القول بجواز الدعوى مطلقًا ليس بالصحيح، فكيف يفرع عليه، وعلى

<<  <  ج: ص:  >  >>