تقدير صحة ذلك يلزمه إسقاط اللوث، لأن شهادة قتل الخطأ إذا كانت مسموعة كشهادة العمد، فقد عارضتها في الصفة، فتسقط، وحينئذ فلا يكون له أن يقسم على قتل العمد، لسقوط اللوث بالنسبة إلى العمد، وقد قال: إن اللوث ثابت، فدل على عدم سماع شهادة الخطأ.
نعم، قد تكون المسألة مصورة بما إذا ادعى الولي قتل العمد، ويكون المأخذ في إيجاب الدية سماع شهادة الخطأ في أصل القتل، وإلغاءها في صفة الخطأ، ولذلك حسن إلحاقها بما إذا ادعى قتل العمد، وشهد له شاهد بالقتل عمدًا، وآخر بالقتل مطلقًا، وقد قال الأصحاب فيها [ما يوافق] قوله، وهو أن أصل القتل يثبت، حتى لا يقبل من المدعى عليه إنكاره، ويسأل عن صفة القتل، فإن أصر على الإنكار للأصل، قال له الحاكم: إن لم تبين صفة القتل جعلناك ناكلًا، ورددت اليمين على المدعي: أنك [قتلت] عمدًا، وحكمت عليك بالقصاص.
وإن بين أن صفة القتل خطأ، فقد قام للولي على القتل عمدًا شاهد لم يعارضه غيره فيه، فهو لوث، فيحلف الولي، وتثبت له الدية مغلظة في ماله، والقصاص على القول القديم، كذا صرح به البندنيجي في هذه المسألة.
لكن القاضي أبو الطيب والحسين وجماعة- كما قال الرافعي- أطلقوا القول في هذه الصورة بأن القول قول المدعى عليه في كون القتل خطأ، فيحلف يمينًا واحدة، وتكون دية الخطأ في ماله، لأنها تثبت بإقراره.
وإن نكل حلف المدعي، واستحق القصاص، ولأجل هذا قال البغوي لو ادعى شخص على رجل: أنه قتل أباه عمدًا، فقال المدعي عليه، قتلته خطأ، أو شبه عمد-: إن القول في نفي العمدية قوله، سواء كان هناك لوث أو لم يكن.
وقال الإمام: إن القول قول المدعى [عليه] في مسألتنا إذا لم يكن ثم لوث- أي: على قتل العمد- أما إذا كان فيقسم الولي. هذا حيد عن الطريق والصواب، كما أنه لوث إذا شهد بمعانية الفعل، وحينئذ فيبقى الكلام على الصورتين واحدًا.