للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[و] ما ذكره البندنيجي فتأمله تفهمه.

نعم، ما قاله الإمام مستقيم على طريقة ابن الصباغ في المسألة التي [قرنها بهذه] المسألة، وجمع بينهما في الحكم، وهي ما إذا أقام شاهدًا: أنه أقر بقتل العمد، وآخر: أنه أقر بالقتل، ولم يقل: عمدًأ- فإن الشهادة على الإقرار بالعمد لا تكون لوثًا، وإنما يكون اللوث بالفعل، كما قاله ابن الصباغ، وعليه يدل قول الشافعي في الأم: ((لو شهد أحدهما: أنه أقر بقتله عمدًا، وشهد الآخر بأنه أقر بقتله خطأ- لم أحكم بهذه الشهادة)).

وقال الأصحاب: إن معناه في الصفة، أما القتل فإنه يثبت، لأنه ليس بين شهادتهما تنافٍ، لكن يطالب ببيان صفته، فإن أقر بأنه خطأ، وصدقه الولي، ثبتت الدية في ماله مخففة، وإن كذبه الولي فالقول قول المشهود عليه، ولا يحلف للمدعي، [لما ذكرناه: أن] شهادة العدل الواحد بالإقرار بالعمد ليست بلوث، إلا أن القاضي الحسين والإمام وصاحب ((الحاوي)) قالوا: إنه لوث: والله أعلم.

قال: وإن شهد واحد: أنه قتله فلان، وشهد آخر: أنه أقر بقتله- ثبت اللوث، لأنه لا تكاذب ولا تنافي، بل كل واحدة من الشهادتين مقوية للأخرى، لكن لم تتم الشهادة، لأنه غير متماثلة، لأن فعل القتل غير الإقرار به، فلم تتم الشهادة على واحد منهما.

نعم، إن كان القتل خطأ، حلف مع أيهما شاء يمينًا واحدة، وقضى له بدية الخطأ على المشهور.

ويجيء فيه القول الذي حكاه المراوزة: أنه يحلف خمسين يمينًا.

وعلى كل حال: إن حلف مع الشاهد على فعل القتل، كانت الدية على عاقلته.

وإن حلف مع الشاهد على إقراره بالقتل، كانت الدية في ماله.

وإن كان القتل عمدًا لا يجب فيه القصاص، [كما] إذا كان القاتل مسلمًا، والمقتول ذميًا، ونحو ذلك- فالحكم كما تقدم، إلا أن الدية ها هنا في مال الجاني على كل حال.

وإن كان [القتل] عمدًا موجبًا للقود، حلف المدعي خمسين يمينًا، ويحكم

<<  <  ج: ص:  >  >>