ليس أمرًا بدعًا مع أنه قول لم يستند إلى يقين، بخلاف دعوى القتل، فإنها مستندة إلى يقين، فاعتبرت.
وقد جزم البندنيجي والقاضي أبو الطيب في باب ما يسقط اللوث بأنه لا يطالب المقر في مسألتنا، لأنه لما ادعى القتل على المنكر فقد أبرأ هذا المقر من القتل، فلا يستحق عليه شيئًا، كما لو قال من [في] يده دار: هي لك ولا تثبت لي.
قال: وإن [كانت] الدعوى في طرف، فاليمين على المدعى عليه- أي: وإن كان ثم لوث: هو شاده، أو غيره- لقوله صلّى الله عليه وسلّم:((البينة على المدعي، واليمين على المدعى عليه)).
ولأن القسامة دخلت لحرمة النفس، فلا تدخل فيما دونها، كالكفارة.
ولأن القسامة إنما كانت في النفس، لأن المقتول لا يمكنه أن يعبر عن نفسه، وليس كذلك الجناية فيما دون النفس، فإن المجني عليه يمكنه أن يعبر عن نفسه، فلم يحكم له بالقسامة، لاستغنائه في الغالب عنها.
قال: وفي التغليظ بالعدد قولان:
وجه المنع: أنه لما سقط حكم اللوث فيه، شابه المال، والمال لا تغليظ فيه بالعدد.
ووجه الوجوب: أنه لما استوى حكم النفس وما دونها في وجوب القود، وتغليظ الدية تغليظًا لحكم الدماء- استويا في التغليظ بعدد الأيمان.
وقد حكى ابن الصباغ: أن الشيخ أبا حامد روى الخلاف في المسألة وجهين، وقال هو وشيخه القاضي أبو الطيب، والماوردي، وغيرهم: إنه [على] قولين، وإنهما مفرعان على قولنا بالتغليظ بالعدد في دعوى النفس حيث لا لوث، أما إذا قلنا ثم: لا تعدد، فها هنا أولى.
وخص الشيخ أبو حامد الخلاف بما إذا كانت الدعوى بالعمد الموجب للقصاص، وقال: لو كانت بالخطأ أو شبه العمد، ولا لوث- كانت اليمين واحدة، لأن المدعى مال محض، فشابه سائر الأموال، كذا حكاه في ((الزوائد)) عنه.