للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حكاه ابن الصباغ، وهو ممن رأى التغليظ بوضع المصحف في حجر الحالف، ولم يحك عن الأصحاب غيره.

فرع: التغليظ يفعل بطلب الخصم، أم يغلظ القاضي وإن لم يطلب الخصم؟ حكى صاحب ((البحر)) وكذا ابن كج فيه وجهين، وذكر أن الأصح الثاني.

قال [صاحب ((البحر) وكذا] الرافعي: ويشبه أن يكونا جائزين، سواء قلنا بالاستحباب أو الإيجاب. وفيما قاله نظر سأذكره.

وفي ((تعليق)) القاضي الحسين- ولم يحك سواه-: أن المدعي لو رضي بترك التغليظ، فالحكم لا يتركه، حقًا لله تعالى.

وهذا مقابل لما ذكره الماوردي: أن من توجهت عليه اليمين المغلظة إذا كان زمنًا لا يقدر على المشي إلى مكان التغليظ إلا بأجرة مركوب، كانت أجرة مركوبة إلى مكان التغليظ على المستحلف له، لأنه ليس بحق على الحالف، وإنما هو حق للمستحلف، وكانت أجرة عوده على الحالف، لأنه يعود في حق نفسه.

قال: فأما الزمان والمكان، فقد بيناه في اللعان- أي: بالنسبة إلى المسلم، وغيره.

وأما اللفظ: فهو أن يقول: والله الذي لا إله إلا هو، عالم الغيب والشهادة، الرحمن الرحيم، عالم خائنة الأعين وما تخفي الصدور.

هكذا نص عليه في كتاب القسامة، وقال ها هنا بدل قوله: ((عالم خائنة الأعين وما تخفي الصدور)): ((الذي يعلم من السر ما يعلم من العلانية))، والكل جائز.

قال القاضي أبو الطيب وغيره: لو أتي بغير ذلك، وهو ما جرت به عادة القضاة في التحليف: أنهم يحلفون بالله الطالب، الغالب، الضار، النافع، المدرك، المهلك، الذي يعلم من السر ما يعلمه من العلانية- كان جائزًا، لأن القصد تباين ما قاد ألفه الناس من أيمانهم بالله في أثناء كلامهم بالإتيان من أسماء الله- تعالى- وصفاته الحسنى ما يميز ذلك، ليكون مانعًا لهم من اليمين الفاجرة، ورادعًا عنها، وقد استدل بمشروعية التغليظ في الألفاظ بما رواه [أبو داود] عن أبي هريرة قال: قال رسول اللهصلّى الله عليه وسلّم- يعني اليهود-: ((أنشدكم بالله

<<  <  ج: ص:  >  >>