للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولا يقطعه عن شغله، وعما هو أهم، ويمهله حتى يفرغ من حاجته.

ولأن الحاجة تدعو إلى تحمل الشهادة وأدائها، حتى لا تضيع الحقوق، فإذا تقرر أنها فرض كان على الكفاية، لأن المصلحة المطلوبة من الشهادة من التوثق وإظهار الحجة تحصل بفعل البعض، فكان كالجهاد ورد السلام وطلب العلم.

ولأن في شهادة الجميع مشقة عظيمة.

قال الماوردي: والفرض في الأداء أغلظ [منه] في التحمل، ويسقط الفرض بقيام شاهدين بالمطلوب.

قال البندنيجي: ومن هنا سمي فرض كفاية، لأنه كفى الباقين فعل الفاعلين، بخلاف فرض العين.

وقبل القيام بالمطلوب، أطلق البندنيجي وغيره القول بأن الكل مخاطبون، والفرض يتوجه عليهم، كما إذا مات في البلد ميت توجه الفرض على الكل، وإذا سلم رجل على جماعة توجه فرض الرد على الكل، وفي هذا يتساوى فرض الكفاية وفرض العين، واختلافهما في الانتهاء، كما ذكرنا.

وفي ((الحاوي)): أنه إذا دعي من يتحمل أو يؤدي عند الزيادة على العدد المشروط في الحكم، فالمبتدأ بدعائه إلى التحمل والأداء، ما حكم فرضه؟ اختلف فيه على وجهين حكاهما في ((البحر)) أيضًا: أحدهما:

[أنه] يتعين عليه فرض الإجابة، إلا أن يعلم أن غيره يجيب، فلا يتعين عليه. قال في ((البحر)): وهو اختيار أبي إسحاق، والصحيح من المذهب.

والثاني: أنه لا يتعين عليه فرض الإجابة، إلا أن يعلم أن غيره لا يجيب، فيتعين عليه.

فعلى الأول يكون عاصياً حتى يجيب غيره، وعلى الثاني لا يكون عاصيًا حتى يمتنع غيره، فإن امتنعوا جميعًا حرجوا أجمعين، وكان المبتدأ بالاستدعاء أغلظهم مأثمًا، لأنه صار متبوعًا [في الامتناع، كما لو بدأ بالإجابة، كان أكثرهم أجرًا، لأنه صار متبوعًا] فيها.

وفي ((البحر)): أن صاحب ((التخليص)) حكى الخلاف المذكور قولين، ولعله

<<  <  ج: ص:  >  >>