وحكى القاضي الحسين والإمام أن المدعوين للتحمل- والصورة كما ذكرنا- لا تجب عليهما الإجابة، والمدعوين للأداء في وجوب الإجابة عليهما وجهان:
أحدهما: لا تجب، كما أن من دعي للتحمل لا تجب [عليه] الإجابة إذا لم يتعين، وبه أجاب الضميري.
[وأصحهما] في ((الرافعي)): أنه يجب، وإلا لأفضى إلى التواكل، ويخالف التحمل، لأن هناك يطلب منه تحمل أمانة [وها هنا يطلب منه] أداء أمانة تحملها.
وقد أطلق القاضي الحسين حكاية الوجهين، والإمام قال: إن محلهما إذا كان الباقون يرغبون في الأداء، أو لم تبن رغبتهم.
وهو راجع إلى ما ذكره الماوري، والروياني.
ثم قال الإمام: ولعل الخلاف في إحدى الصورتين يترتب على الأخرى.
قال: فإن كان، أي: من تقوم به الكفاية، في موضع ليس فيه غيره- تعين عليه، أي: التحمل والأداء عند الطلب، لانحصار المطلوب فيه، وهذا شأن فروض الكفايات، تصير بالانحصار في الشخص فرضًا عليه.
فإن قلت: لم قدرت المحذوف: من تقوم به الكفاية، ولم تقدره: المطلوب للتحمل والأداء؟
قلت: لأن الأول منطبق على كلام الأصحاب من غير تكلف في تقريره مع أن سياق اللفظ يعطيه، بخلاف ما ذكرت، فإني لو قدرته لاحتجت أن أقول: المطلوب تارة يكون نصابًا كاملًا، وهو شاهدان، وتارة يكون واحدًا، فإن كان الأول فحكمه ظاهر، وإن كان الثاني فإنما يتعين عليه في صورتين:
إحداهما: أن يكون المقصود يحصل به، لكون المطلوب قد قام به واحد، ولم يتمكن من تتمة غير هذا المطلوب، وفي هذه الحالة يشمل الفرض المطلوب للتحمل أو الأداء، كما ذكرنا، ولا فرق فيه- كما قال الأصحاب- بين أن تكون الشهادة به مما لا يثبت إلا بشاهدين، أو مما يثبت بالشاهد واليمين،