للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لأن التورع عن اليمين من مقاصد الشهادة لدفع التهمة.

قال الإمام في حالة الطلب للأداء: [و] هذا مما لم يختلف أصحابنا فيه، وليس له أن يقول: احلف مع شاهدك، ولا تعويل على احتمال بعيد فيه مع نقلنا الوفاق على تثبت. وطرد ذلك فيما إذا أشهد المودع على رد الوديعة شاهدين، وقالا له عند إرادة إثابته: لا نشهد، واحلف- أنه ليس لهما ذلك.

وقد اعتبر بعض المراوزة- كما حكاه الإمام- في وجوب الأداء على المتعين بحكم الوجود، وكذا في حالة كثرة العدد بالتعيين- أن يكون التحمل قد وقع منه عن قصد حتى لو وقع بصره عليه اتفاقًا، لا يجب عليه، لأنه لم يوجد منه التزام، بخلاف ما إذا تحمل، فإنه ملتزم، فجعل كضمان الأموال.

قال الرافعي: والموافق لإطلاق أكثرهم: أنه لا فرق، لأنها أمانة حصلت عنده، فعليه الخروج عنها، كما أن الأمانات المالية تارة تحصل عنده بقول الوديعة، وتارة بنظير الربح.

الثانية: أن يكون الحق مما يثبت بالشاهد واليمين، ولم يشهد به غيره، فإنه يجب عليه الأداء، لتمكن الخصم من الحلف معه.

قال في ((الحاوي)): ولا فرق أن يكون الشاهد ممن يرى جواز الحكم بالشاهد واليمين، أو لا، إذا كان الحاكم يرى الحكم بذلك.

قلت: ولا يجئ فيه الوجه الذي حكاه القاضي ابن كج في أن الشاهد لا يجوز له أن يشهد بما يعلم أن القاضي يرتب عليه ما لا يعتقده الشاهد: كالبيع الذي يترتب [عليه] الشفعة بالجوار، [والشاهد لا يعتقد الجوار] مثبتًا للشفعة، لأن الشاهد هنا يعتقد أن ما شهد به حق، فالحكم واقع بالحق في ظنه، بخلاف مسألة الشفعة.

وقد حكى القاضي الحسين مع موافقة الشاهد للقاضي في اعتقاد جواز الحكم بالشاهد واليمين- وجهًا آخر: أنه لا يجب الأداء، لأنه ربما لا يحلف، أو يتغير اجتهاد الحاكم، فلا يقضي بشاهد ويمين. قال: والصحيح الأول، وهو الذي أورده الماوردي، والإمام، والرافعي.

<<  <  ج: ص:  >  >>