نعم، لو كان القاضي حنفياً، فحث قلنا: يلزمه الأداء ثم، فهل يلزمه ها هنا؟ فيه وجهان حكاهما القاضي أيضًا، والأظهر- وهو الذي أورده الماوردي-: أنه لا يجب، ووجه الوجوب: أنه ربما له شهود بعده، أو يقع له الاجتهاد في أن يقضي بشاهد ويمين.
وإذا جرى هذا الخلاف في الأداء، ففي التحمل من طريق الأولى، كما ستعرفه.
أما إذا كان الحق مما لا يثبت إلا بشاهدين، بأن كان عقداً كالنكاح، والرجعة على القديم، فلا يجب عليه الإجابة للتحمل، إذا لم يكن ثم غيره.
وكذا الأداء إذا كان قد تحمل مع شخص آخر، ومات.
وكذا إذا كان في غير عقد، وعلم انه لم يتحمل على الإنشاء غيره.
وإن جهل ذلك، أو كان الكل على الإقرار، ففي وجوب الأداء وجهان في ((تعليق)) القاضي الحسين، والظاهر المنع، وهو الذي أورده الماوردي، لأن الحكم لا يقوم به.
ووجه مقابله: أنه ربما يظهر [له] شاهد آخر.
وحكى الرافعي عن القاضي ابن كج حكاية وجه مطلق في أن الحق إذا كان مما لا يثبت بالشاهد واليمين: أنه يجب عليه الأداء، لأنها أمانة لزمته، والمدعي ينتفع بأدائها في اندفاع بعض تهمة الكذب وإن لم ينتفع به في ثبوت الحق.
فرع: لو كان في الواقعة شاهدان، وأحدهما فاسق فسقًا مجمعًا عليه فالحكم في حق العدل كما لو لم يكن في الواقعة غيره، قاله الرافعي.
تنبيهان:
أحدهما: ما الشهادة التي يجب تحملها، هل هي كل شهادة على عقد أو إقرار وغيرهما، أو تختص ببعض الأمور دون بعض؟
الذي حكاه العراقيون والماوري: الأول، وكذلك قال البندنيجي وابن الصباغ: من دعي لتحمل الشهادة على نكاح أو بيع أو غيرهما من العقود والتوثيق للحقوق، وجب عليه التحمل.