على الشاهد الأداء [إلا إذا] اجتمع مع القاضي، والمشهور: الأول، وبه يظهر: أن مرادهم ضرر خص، وقد مثلوه بصور:
منها: أن يلحقه في دينه، لمأثم يلحقه، كما إذا طلب لأن يشهد بغير الحق، أو بزيادة عليه، أو بدونه في صورة نصير، أو [طلب للأداء بحق]، وهو في نفسه فاسق فسقًا غير مجتهد فيه، فإنه لا يجب عليه أن يؤدي.
قال القاضي الحسين والرافعي: بل عليه أن يمتنع، إذ الفاسق لا حكم لشهادته.
ولا فرق بين أن يكون فسقه ظاهرًا للناس، أو حفيًا عنهم وهو عدل عندهم.
قال ابن أبي الدم: والذي فهمته من كلام الأصحاب، وتلقيته من مدارج مصنفاتهم: أنه لا يحرم عليه أداء الشهادة التي شهد بها، وهي حق- أي: إذا كان فسقه باطنًا- بل يستحب، وهو الذي أراه صحيحًا لا ريب فيه.
وممن أشار إلى ذلك الماوردي والقاضي أبو الطيب وصاحبه الشيخ أبو نصر.
قلت: وما ذكره الماوردي قد رأيته في ((الحاوي))، فإنه قال في كتاب الشهادات: إذا دعي الفاسق إلى تحمل الشهادة، فإن كان فسقه ظاهرًا لم يلزمه تحملها، وإن كان فسقه ظاهرًا لم يلزمه تحملها، وإن كان فسقه باطنًا لزمه تحملها.
وهكذا لو [دعي] إلى أداء ما يحمل من الشهادة، لم يلزمه أداؤه إن كان ظاهر الفسق، ولزمه أداؤه إن كان باطن الفسق، لأن رد شهادته بالفسق الباطن [مختلف فيه].
وقد حكى في ((البحر)) في الفروع قبيل كتاب الشهادات في جواز الشهادة له وجهين، ووجه المنع في أدائه إيقاعًا منه للحكام في الحكم بالباطل، [بل هو حمل له على أن يحكم حكمًا باطلًا، وهذا لا يجوز، لأن الحمل على الباطل] منهي [عنه] في الدين.