قلت: وهذا منهم مصور بما إذا لم يتمكن المشهود له من نقل شهادة الشاهد بإثبات الحق عند حاكم آخر وحكمه به، ونقل ذلك إلى الحاكم المدعو إلى الشهادة عنده، أما إذا تمكن من ذلك، فيظهر أن يقال: لا يلزم الشاهد الخروج من البلد، لما ذكرته من كلام القاضي الحسين والإمام عند الكلام في موت القاضي الكاتب، فاطلبه من ثم.
وإلى ذلك يرشد تخريجهم الخلاف فيما إذا كانت المسافة فوق مسافة العدوى ودون مسافة القصر- على [الخلاف في] أن الشهادة، هل تقبل في مثل ذلك أم لا؟
ومنها: أن يلحقه في ماله، بأن يخاف عند المصير للأداء من ضياع ماله، لعدم نائب له في حفظه، أو كان يتعطل عن الاكتساب في وقته، بسبب المضي للأداء، فلا تلزمه الإجابة.
قال الماوردي: ولا فرق بين أن يضمن له الداعي حفظ ماله، أو يبذل له قدر اكتسابه في ذلك الزمن أو لا.
وفي ((الرافعي)): أن في ((تعليق)) الشيخ أبي حامد: أنه لو كان الشاهد فقيرًا يكتسب قوته يومًا بيوم، وكان في صرف الزمان إلى أداء الشهادة ما يشغله عن كسبه فلا يلزمه الأداء [إلا] إذا بذل له المشهود له قدر ما يكسبه في ذلك الوقت.
فروع:
لو دعي الشاهد [للشهادة] عند قاض لا يعلم هل يقبله أم لا، لزمته الإجابة، لجواز أن يقبله، قاله في ((الحاوي)).
ولو دعي للأداء عند من لا يعتقد الشاهد انعقاد ولايته لجهل أو فسق، لزمته الإجابة.
قال الماوردي: لأنه ليس للشاهد اجتهاد في صحة التقليد وفساده.
ولو شهد عند قاض، فرد شهادته، لإعلانه بالفسق، ثم طلب المدعي منه أن يشهد عند حاكم آخر- فعليه الإجابة، دون ما إذا دعاه للأداء عند ذلك القاضي بعينه، قاله الرافعي.