وفي ((الحاوي)): أن القاضي لو توقف في قبول شهادة الشاهد، لحمه برد شهادته، لجرحه- لم يلزمه أن يشهد بها عند غيره إذا دعي إليه، لأنه لا يجوز لغيره الحكم بشهادة قد ردت بحكم، بخلاف ما لو توقف في قبول شهادته لاستبراء حاله، فإنه يلزمه أن يشهد عند غيره من الحكام إذا دعي إليه.
ولو قال المشهود له للشاهد: عفوتك عن أداء الشهادة، ثم طلبها منه- يلزمه الإجابة.
قال في ((البحر)) قبيل كتاب الشهادات: لأن أداء الشهادة عند الطلب حق الله تعالى، [وحق الله تعالى] لا يصح فيه العفو من جهة الآدمي.
ولأن الشاهد لا يخرج بهذا العفو من الشهادة.
واعلم أنه إذا كملت [شرائط وجوب] الأداء، فلا يرهق الشاهد إرهاقاً، بل لو كان في صلاة أو حمام، أو على طعام- فله التأخير إلى أن يفرغ.
وعن أبي الحسين بن القطان حكاية قولين: أنه هل يمهل إلى ثلاثة أيام؟ قال ابن كج: والظاهر المنع.
وإذا انتفت الأعذار، وامتنع بعد ذلك عن الأداء- قال القاضي: عصى، ولا يجوز للقاضي قبول شهادته في شيء أصلًا حتى يتوب.
قال الرافعي: ويوافق هذا ما قيل: إن المدعي لو قال للقاضي: لي عند فلان شهادة، وهو يمتنع من أدائها، فأحضره ليشهد- لم يجبه القاضي، لأنه بزعمه فاسق بالامتناع، فلا ينتفع بشهادته.
وفي ((الحاوي)): أنه إذا امتنع من غير عذر، أثم، وفسقه بالمأثم معتبر بدخوله في الصغائر والكبائر بحسب الحال، فإن دخل في الصغائر لم يفسق به، وإن دخل في الكبائر فسق به.
قال: ولا يجوز لمن تعين [عليه]- أي: التحمل والأداء- أن يأخذ عليه أجرة، كما لا يجوز أن يأخذ عن عبد أعتقه عن كفارته عوضًا.
وهل يجوز لمن تعين عليه كتب الوثيقة، لكونه لا أحد غيره، وقلنا بوجوبه- أخذ الأجرة؟ فيه وجهان في ((تعليق)) القاضي الحسين كالوجهين في أخذ الأجرة على تعليم الفاتحة عند التعين، ووجه الجواز- وهو الأظهر في