والثانية: لا يحدون قولًا واحدًا وإن حدوا عند نقصان العدد، لأن نقصان العدد نص، ونقصان الصفة اجتهاد، وهذه نسبها في باب اللعان إلى الإصطخري، وضعفها.
والثالثة- حكاها الشيخ أبو حامد-: أنه إن كان الرد بنقصان الصفة بأمر ظاهر: كالرق، والفسق، جرى مجرى نقصان العدد، فيكون في حد الجميع قولان.
وإن كان بأمر خفي: كالعداوة والفسق الخفي، فلا يصيرون قذفة، و [لا] يحدون قولًا واحدًا، لأن الظاهر منه كالنص ترد به الشهادة قبل سماعها، والخفي منه اجتهاد ترد به الشهادة بعد سماعها.
وجزمٍ القاضي الحسين بأن العبيد إذا انفردوا بالشهادة، أو الكفار، أو النسوة حدوا قولًا واحدًا.
وأما المعلنين بالفسق الذي لا يتوصل إليه بالاجتهاد، قال الإمام: ففيهم قولان ذكرهما ابن سريج، وحكاهما القاضي أيضًا:
أحدهما: أن الحكم كذلك.
والثاني: أنهم لا يحدون، فإن من العلماء من يجعل الفاسق من أهل الشهادة.
وحكى الإمام فيما لو كان فسقة في الباطن دون الظاهر وجهين مرتبين على ما لو كانوا معلنين بالفسق، وقال: هاهنا أولى بألا يجب الحد، بل هو ظاهر المذهب، لأنهم لو شهدوا في مال، فردت شهادتهم، ثم تابوا، وأعادوها- لم تقبل، ولو جاء عند مجيء الشهود، فردت شهادته، ثم عتق، فأعادها، قبلت.
ولو ردت شهادة المعلن بالفسق، ثم أعادها بعد التوبة، ففي سماعها وجهان.
قال: ويمكن أن يجعل هذا ضابطًا فيما نحن فيه، فيقال: كل من ردت شهادته، فإذا زايل حاله [حالة]، ثم أعاد الشهادة، لا تقبل شهادته المعادة، فإذا شهد على الزنى مع كمال العدد، ثم اطلع على تلك الصفة، وردت شهادته- فلا يكون قاذفًا، ولو كان على صفة لو شهد عليها، ثم زايلته فأعادها، قبلت، فإذا شهد على الزنى، فردت شهادته، للصفة التي ذكرناها- فهو قاذف، لأنه ليس من أهل الشهادة.