وقضية هذا الضابط: أن يكون فيمن ردت شهادتهم مع كمال العدد، لأجل العداوة وجهان، لأن في قبول شهادتهم المعادة وجهين، وقد ألحقهم بمن ردت شهادتهم بفسق مجتهد فيه، وقد ادعى أنه لو ردت شهادتهم بفسق مجتهد فيه:[أنه لا خلاف في] أنهم لا يحدون، وهو [فيه] متبع للقاضي.
عدنا [إلى ما] نحن فيه: قال الماوردي: فإن قلنا: إنه لا حد عليهم عند نقصان العدد، فهاهنا أولى، وإن قيل بوجوبه عند نقصان العدد، فهاهنا ثلاثة أوجه:
أصحها: أنه لا حد على جميعهم، لقوة الشهادة بكمال العدد، وبكمال صفة الأكثرين.
والثاني: يحد الجميع، لرد شهادتهم.
والثالث: يحد من نقصت صفته بالرق والفسق، ولا يحد من كملت صفته بالعدالة.
وقال القاضي أبو الطيب: إن ردت شهادة الرابع بأمر ظاهر: كما إذا كان عبدًا، أو كافرًا، أو امرأة، أو فاسقًا ظاهرًا- كان ذلك بمنزلة نقصان العدد، لا يختلف أصحابنا فيه، لأن وجود ذلك الواحد وعدمه سواء، وظاهر كلامه يعود إلى الثلاثة، وأما الرابع فقد سكت عنه.
وقضية كلام القاضي الحسين والإمام: أنه يحد قولًا واحدًا إن كان رد شهادته لغير الفسق، [وإن كان للفسق] الظاهر فيجيء فيه القولان.
وقال النبدنيجي: إن القولين جاريان في الذي ردت شهادته كيف كان.
قال القاضي أبو الطيب: ولو كان رد شهادة الرابع بأمر خفي مثل أن يكون فاسقًا في الباطن دون الظاهر، فقد اختلف أصحابنا فيه:
فمنهم من قال: هذه- أيضًا- بمنزلة نقصان العدد.
منهم من قال: لا يحدون قولًا واحدًا، لأن الفسق إذا كان باطنًا لا تفريط من جهتهم في الشهادة معه، وكانوا معذورين، فلم يحدوا، وليس كذلك نقصان العدد، أو سقوط العدالة بأمر ظاهر مشهور، فإنه مفرطون فيه، فحدوا بسببه.