للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقد حكى ابن الصباغ هاتين الطريقين أيضًا، وقال البندنيجي: إن الثانية هي المذهب، ونسب القائل بالأولى إلى الشذوذ، وقال: إن الذي ردت شهادته ظاهر المذهب- أيضًا- أنه لا حد عليه.

قال ابن الصباغ: لأنه قد لا يعلم أنه ترد شهادته.

ولو فسق واحد من الأربعة بعد الشهادة، قال البندنيجي: فلا حد عليه، ولا على الباقين، كما لو مات- يعني: قبل أن يشهد- فإنه لا حد على الباقين، كما حكاه أبو الطيب عن الشافعي.

ووجهه بأنه يحتمل أنه لو شهد، شهد بما يتم به النصاب، ويشبه أن يكون فيهم ما ذكرناه فيما إذا رجع واحد منهم، وأصر الباقون.

قال: وفي الإقرار بالزنى قولان:

أحدهما: يثبت بشاهدين- أي: ذكرين- كغيره من الأقارير، [وهذا أصح عند القاضي الروياني، وصاحب ((المرشد))، والنواوي].

والثاني: لا يثبت إلا [بأربعة، لأنه إقرار بفعل، فلا يثبت إلا] بما يثبت به ذلك الفعل، لاستوائهما في الموجب، وهذا حكاه الماوردي في كتاب اللعان عن القديم، ونسب الأول إلى الجديد، وفرق بينه وين الشهادة بالزنى بأن المقر بالزنى لا يتحتم حده، لأن له إسقاطه بالرجوع، والمشهود عليه بفعل الزنى يتحتم الحد عليه، فغلظت البينة في الفعل، وخففت في الإقرار، وسائر الحقوق يستوي فيها حالة الإقرار وحالة ثبوت الفعل بالبينة، فلذلك لم تختلف البينة فيها.

فرع: هل يعتبر في صحة الإقرار بالزنى التفسير كما يعتبر في الشهادة [به]؟ فيه وجهان تقدمت حكايتهما، ولا يبعد تخريجهما من القولين هنا.

قال: ويقبل فيما لا يطلع عليه الرجال: كالرضاع- أي: من الثدي- والولادة، والعيوب [التي] تحت الثياب- أي: كالرتق، والقرن، والبرص، وغيره، سواء في ذلك ما تحت الإزار غيره مما يباح للمحارم النظر إليه خاصة، كما قاله في الحاوي، و ((البحر)) - شهادة رجلين، ورجل وامرأتين، وأربع نسوة.

<<  <  ج: ص:  >  >>