فمنع منه قوم، لأن المقصود بالشهادة أداؤها، ومع الجهالة لا يصح، فصار الشاهد غارًا.
وقال قوم: يكفي المقر أن يأتيه بمن يعرفه، ثم يشهد عليه بعد التعريف، ولا يشهد عليه قبله.
والذي عليه الجمهور: أنه يجوز أن يشهد على من لا يعرفه، ولمن لا يعرفه إذا أثبت صورتهما، وتحقق أشخاصهما، ثم إن عرفهما عند أداء الشهادة أدى، وإلا لم يجز [له إقامتها.
ثم ظاهر إطلاق الغزالي وإمامه يقتضي منع التحمل على المرأة المنقبة مطلقًا].
وقد قال في ((الحاوي)) و ((العدة)): إن هذا مخصوص بما إذا لم يعرفها الشاهد فيه، فإن عرفها منتقبة لم تكشفه.
فإن قلت: قد حكينا فيما لو كان العاقد أو المقر من وراء ثوب خفيف مشف في جواز التحمل عليه وجهان:
أحدهما- وهو الأصح في ((الرافعي)) -: الجواز، لأنه لا يمنع من مشاهدة ما وراءه.
والثاني: لا يجوز، لأن الاشتباه معه يجوز، وهذه الصورة أولى أن يجري فيها [هذا] الخلاف، لأن البشرة ثم مشاهدة، وليست هنا كذلك.
قلت: الفرق أن البشرة ثم وإن شوهدت فمن وراء حائل لا يمنع الاشتباه كما ذكرنا، وهنا المنتقبة بعض وجهها مكشوف، وهو المعتمد في المعرفة، فلا اشتباه معه.
فرع: لو دخل رجلان بيتًا لا ثالث معهما فيه، وقد عرف ذلك شخص، وجلس على بابه، فسمعهما يتعاقدان عقدًا- قال البندنيجي: قال أصحابنا: صار متحملًا للشهادة، لأنه يقطع أنه ليس في البيت سواهما.
قال: وهذا عندي فاسد، [لأنه] وإن قطع أنه لا أحد سواهما، فهو لا يعرف البائع من المشتري منهما.