للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تنبيه: المفهوم من قول الشيخ أن العاقد والمقر لو كان امرأة فلابد من مشاهدته، والمشاهدة إنما تحصل بسفر النقاب، وكشف الوجه.

وعبارة الإمام في ذلك: أنه لا يحل تحمل الشهادة على منقبة.

وقريب منها قول الغزالي: لا يجوز تحمل الشهادة على امرأة منقبة.

قال الرافعي: إن لك أن تقول: ما ينبغي أن يتوقف جواز التحمل على كشف الوجه، لأن حضور امرأة، أو شخص تحت النقاب، وإقرار ذلك الحاضر متيقن، فإذا رفعت المرأة إلى القاضي، والمتحمل يلازمها يتمكن من الشهادة على عينها بأنها أقرت بكذا، وهو نظير صورة الضبط في شهادة الأعمى.

وقد يحضر قوم يكتفي بإخبارهم في التسامع، قبل أن تغيب المرأة- إذا لم يعتبر في التسامع طول المدة، كما سيأتي- فيخبرون عن اسمها، ونسبها، فيتمكن من الشهادة على اسمها ونسبها، بل ينبغي أن يقال: لو شهد اثنان تحملا الشهادة على امرأة لا يعرفانها أن امرأة حضرت يوم كذا بمجلس كذا، فأقرت لفلان بكذا، وشهد عدلان أن المرأة المحضرة يومئذ في ذلك المكان هذه- كان يثبت الحق بالبينتين، [أليس] لو قامت بينة على أن فلان بن فلان الفلاني أقر بكذا، وقامت بينة أخرى على أن هذا الحاضر هو فلان بن فلان- ثبت الحق، فما الفرق بين تعريف المشهود عليه المطلق باسم ونسب، وبين تعريفه بزمان ومكان، وإذا اشتمل التحمل على هذه الفوائد، وجب أن يجوز مطلقًا، ثم إن لم يعرض ما يفيد جواز الشهادة على العين، أو على الاسم والنسب، ولم ينضم إليه ما يتم به الإثبات، فذاك شيء آخر.

قلت: وما ذكره فقه ظاهر لا ينكره ذو فطنة، لكن مراده الأصحاب بأنه لا يجوز التحمل على المرأة المنقبة، ليؤدي ما تحمله، اعتمادًا على معرفة صوتها، كما أشار إليه الروياني في بعض كلامه هنا، ولا يقدح في ذلك ما قاله المتولي في كتاب النكاح: أنه لو قال: زوجتك هذه، وهي منقبة، لا يصح، لأنها مجهولة، كما لا يتحمل الشهادة عليها إلا بعد مشاهدتها، لأن حالة التحمل في النكاح ملحقة بحالة الأداء في غيره، لوجوب ذلك.

ولكن لقائل [أن] يقول: قد حكى الماوردي أن الناس اختلفوا في جواز تحمل الشهادة عمن لا يعرفه، ولمن لا يعرفه.

<<  <  ج: ص:  >  >>