وفي كلام الشيخ ما يدل عليه، لأنه قال بعد ذكر النسب والموت والملك المطلق: جاز أن يتحمل بالاستفاضة من غير [معاينة، ومعاينة] ذلك من جانب الأب محال، فدل على إرادة جانب الأم.
لكن جوابه: أن المراد معاينة النسب، وهو الولادة على الفراش، لا معاينة النسب نفسه، ويدل على ذلك أنه قال ذلك في الملك، والملك لا يشاهد، إنما المشاهد أسبابه من البيع والهبة والاحتطاب، ونحو ذلك، وهي التي أراد الشيخ أنه لا يحتاج إلى معاينتها، والله أعلم.
الثانية: الموت:
قال القاضي أبو الطيب: ووجه جواز التحمل فيه بالاستفاضة: أنه لا يكاد يدرك حقيقة، لأنه ربما لحقته سكتة، وقد أمر بتعجيل الدفن، فلا يمكن تركه حتى يتحقق موته، لوقوعه في الأسفار- وهي كثيرة- والبراري، والقفار.
وقال غيره: لأن أسبابه كثيرة خفية، وظاهرة، يتعذر الوقوف عليها، فاكتفى فيه بالاستفاضة، كالنسب.
[قال في ((الإشراف)): يجوز أن يشهد به من لم يعرف الميت بعينه]، وهذا ما أورده الجمهور.
وحكى القاضي الحسين أن من أصحابنا من يلحق الموت بالمختلف فيه، فإنه على الجملة يمكن فرض العيان فيه.
قال الإمام: وهذا وإن كان منقاسًا فلا تعويل عليه، فإن موت الإنسان مما يشتهر ويقع في أفواه الناس كالنسب، وعماد تحمل الشهادة هذا.
الثالثة: الملك المطلق:
ووجه جواز التحمل فيه بالاستفاضة فقط: أنه لا يتصور العلم فيه وإن تصور الإحاطة بأسبابه، لأن حصوله بالبيع ونحوه فرع كون البائع مالكًا، وكذلك الكلام مملوكًا، فانفلت من مالكه، ومن احتطب أو احتش احتمل أن يكون من شيء مملوك جهل حاله، وإذا كان كذلك التحق بالنسب، وهذا ما أورده العراقيون، والفوراني.