وقال الإمام: أنه بعيد، فإن فرض له ثبوت فهو فيه إذا لم يعارض هذا التسامع يد وتصرف من الغير، ووراءه أوجه:
أحدها- حكاه الماوردي عن بعض الأصحاب-: أنه لا يشهد بالملك بمجرد الاستفاضة، وهو الذي حكى الإمام عن القاضي القطع به، وقال: إنه قياس المراوزة.
نعم، إذا رآه يتصرف فيه شهد به، لأنه يجتمع له في العلم به السماع والمشاهدة، فيصل إليه من أقصى نهاية المكنة.
والثاني: أنه لا يشهد بالملك بالاستفاضة والتصرف، بل لابد مع ذلك من أن يكون في يده، وبه أجاب في ((الرقم))، ويحكى عن نصه في ((حرملة))، فإذا اجتمع ذلك جازت الشهادة [به] بلا خلاف، كذا قاله الإمام.
وفي ((البحر)) أن بعض أصحابنا بخراسان قال: في الأملاك قول آخر أنه لا تجوز الشهادة فيها حتى يعلم سبب الملك. وهو أقيس، لكنه خلاف ظاهر المذهب المنصوص.
والاستفاضة المذكورة هنا صورتها أن يستفيض في الناس: أن هذه الدار، أو هذا العبد ملك زيد من غير إضافة إلى سبب، فإن كان المستفيض سبب الملك لم يتحمل عليه، كما تقدم.
قال ابن الصباغ وغيره: إلا أن يكون السبب الميراث، فيجوز، لأن الميراث يستحق بالنسب والموت وكلاهما يثبتان بالاستفاضة.
وقد ألحق الإمام بهذه الصور الثلاث صورة رابعة، وهي الشهادة بالإعسار، فقال: إنه يتحملها بالاستفاضة، لأنه لا مطلع عليه، ولو لم يكن في إثباته طريق لتخلد الحبس على المعسر من غير درك منتهى.