وعلى الوجه الثاني الذي صار إليه الماوردي: لا يجوز له التحمل، وإليه صار القفال، فإنه استشهد في مثل ذلك، فكتبك أشهدني فلان وفلان: أنها فلانة بنت فلان، وأنها أقرت، فلما طلب للأداء امتنع، وقال: كيف أشهد والشاهدان في السوق، يعني: أن شهادتي شهادة الفرع، وعلى ذلك جرى القاضي الحسين، ولم يورد في ((الوجيز)) سواه.
ولو كان المخبر عدلًا واحدًا، وقد طابت النفس بخبره، فالذي يجيء على الأوجه المذكورة أولًا: أنه لا يشهد عليها، وعلى الأخير يتحمل، وقد حكاه الرافعي عن الشيخ أبي محمد، سلوكًا به مسلك الأخبار، وكذا حكاه ابن أبي الدم عن الهروي عنه.
قال الرافعي: وعليه جرى جماع من المتأخرين منهم القاضي الروياني.
وحكى عن رواية ابن كج عن الإصطخري أنه قال: إذا كان الشخص يعرف نسب امرأة، ولا يعرف عينها، فدخل دارها، وفيها نسوة سواها، فقال لابنها الصغير: أيتهن أمك أو لجاريتها: أيتهن ستك، فأشار إلى امرأة، فسمع إقرارها، جاز أن يشهد: أن فلانة بنت فلان أقرت بكذا، وأنه لم يقم إخبار عدلين بذلك مقام إخبار الصغير والجارية، لأنه أشد وقعًا في القلب وأثبت.
فروع:
أحدها: إذا سمع رجلًا يقول لآخر: هذا ابني، وصدقه الابن، أو: أنا ابن فلان، وصدقه فلان، قال العراقيون- كما حكاه الإمام، وأورده ابن الصباغ-: يجوز أن يشهد على النسب.
وكذا لو استلحق صبيًا أو بالغًا، فسكت.
قال ابن الصباغ: وإنما أقاموا السكوت في النسب مقام النطق، لأن الإقرار على الأنساب الفاسدة لا يجوز.
نعم، لو أنكر المستلحق ذلك لا يثبت النسب، ولا يشهد به.
وفي ((المهذب)) وجه: أنه لا يشهد عند السكوت إلا إذا تكرر منه الإقرار والسكوت.