أحدهما: أنه لا يشترط، لأنه لا يشاهد، وهذا ما اقتضاه كلام الشيخ، وهو الذي يقتضي كلام الإمام ترجيحه.
وأظهرهما عند المتولي وغيره: الاشتراط، وبه قال الصيدلاني، وجزم ابن الصباغ وغيره، قياسًا على اشتراط ذكر الإيلاج في الشهادة بالزنى، وهكذا ظاهر النص في ((المختصر))، فإنه قال: وتوقف حتى تشهد أنه رضع المولود خمس رضعات كلهن إلى جوفه.
وعلى الأول لو استراب القاضي وجوز أن يكون الإرضاع غير مفض إلى وصول اللبن إلى الجوف المعتبر- فله أن يستفصل بلا خلاف.
نعم لو مات الشاهد قبل الاستفصال، فهل يجوز التوقف؟ قال الإمام: هذا هو الذي يظهر فيه تردد الأصحاب.
قلت: ويشهد لهذا التردد ما حكاه ابن أبي الدم: أن الشاهد إذا شهد بحق، وسأله الحاكم [عن] مستند شهادته، وكيفيتها، وهل يعرف المشهود عليه عينًا، أو اسمًا، أو نسبًا، أو يعرف مجموع ذلك، لكونه غير فقيه، أو توهم من الفقيه غفلة دلت عليها قرينة حاله، وارتاب الحاكم في ذلك، يجب على الشاهد تفصيل ما سأل عنه، فإن امتنع مع جهله توقف الحاكم في الإمضاء بشهادته، فلو مات الشاهد قبل التفصيل هل يتوقف؟ فيه خلاف، وسنذكر في الإقرار- إن شاء الله تعالى- تفصيلًا لم يذكره ابن أبي الدم هنا.
وهذا الذي ذكره الشيخ من التعرض لما ذكرناه لم يختلف الأصحاب فيه من العراقيين والمروازة، إذا وقعت الشهادة على فعل الرضاع، وقد صرح به الفوراني [وغيره].
أما إذا وقعت الشهادة بأن بينهما حرمة الرضاع، فقد قال ابن الصباغ: إن الحاكم لا يسمع هذه الشهادة، لما ذكرناه، بل لابد من ذكر الشرائط أيضًا.