للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال الفوراني وغيره: إنه لا يحتاج إلى ذكر الشرائط. ولأجل ذلك قال الرافعي: قد أطلق جماعة- منهم الإمام- أن الشهادة المطلقة على أن بينهما رضاعًا محرمًا، أو حرمة الرضاع، أو أخوته، أو بنوته- مقبولة، ويؤكده قول الغزالي: ((ثم يشهد على البت: أن بينهما رضاعًا محرمًا)).

لكن الأكثرون على أنه لابد من التفصيل والتعرض للشرائط، وهو ظاهر النص.

وحكى في ((التهذيب)) الوجهين معًا، وقال: إن الصحيح اشتراط التفصيل.

قال الرافعي: ويحسن أن يقال: إن كان المطلق فقيهًا موثوقًا بمعرفته، فيقبل منه الإطلاق، وإلا فلابد من التفصيل، وينزل الكلامان على هاتين الحالتين، أو يخص الخلاف بما إذا لم يكن المطلق فقيهًا، وقد سبق مثله في الإخبار عن نجاسة الماء وغيره.

قلت: إن أراد بالفقيه فقهًا يوافق مذهبه مذهب القاضي في الرضاع فهو قريب، وقد ذكرنا مثله وجهًا ثالثًا فيما إذا شهد الشاهد بأن فلانًا يستحق على فلان كذا.

وإن أراد مطلق فقيه كيف كان، فلا يحسن التفصيل، لأن مادة الاشتراط اختلاف الناس في شرائطه، فقد يكون الفقيه والقاضي مختلفين فيها، فلا يحصل المقصود.

وإذا قلنا بما ذهب إليه الأكثرون فهل تسمع الشهادة على الإقرار بالرضاع مطلقة؟ فيه وجهان حكاهما المتولي وغيره.

ولو قال: هي أختي من الرضاع، فعن ((البحر)) وغيره: أنه لا حاجة إلى التعرض للشرائط إن كان من أهل الفقه، وإلا فوجهان.

وفرق بين الإقرار والشهادة بأن المقر يحتاط لنفسه، فلا يقر إلا عن تحقيق.

واعلم أنا إذا اشترطنا ذكر وصول اللبن إلى الجوف- كما هو ظاهر النص- فالشاهد قد يتيقين ذلك بأن يعاين الحلب وإيجار الصبي المحلوب وازدراده، وحينئذ يشهد به، ولا إشكال، وقد يشاهد القرائن الدالة عليه، وهي التقام الثدي من غير حائل- كما قاله المتولي- وامتصاصها، وحركة الحلق بالتجرع وبالازدراد بعد العلم بأنها ذات لبن، ومشاهدة هذه القرائن قد يفيد اليقين، فيشهد إذ ذاك به، وقد لا يفيده فيفيد الظن القوي، وذلك يجوز الشهادة- أيضًا- كما نقول في الشهادة بالملك المطلق، بناء على التصرف واليد والتسامع.

نعم: لو شاهد التقام الثدي والامتصاص، وهيئة الازدراد، ولم يعرف أن المرأة

<<  <  ج: ص:  >  >>