للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بشهادته شهادة ذلك الأصل، لأنه حينئذ يكون قد قام بثلاثة أرباع الشهادة والشهادة لا يثبت بشهادته أكثر من شطرها.

وقد نجز شرح مسائل الباب، فلنختمه بفرع يتعلق به، وهو أن الشاهد هل يجوز له أن يشهد باستحقاق زيد على عمرو درهمًا مثلا إذا عرف سبب شغل ذمته به أم لا؟

قال ابن أبي الدم في موضع من أدب القضاء له: فيه وجهان مشاعان في لسان أئمة المذهب، والمشهور فيما بينهم: أنها لا تسمع.

قال: وهذا لم أظفر به منقولًا مصرحًا به هكذا، غير أن الذي تلقيته من كلام المروازة، وفهمته من مدارج مباحثاتهم المذهبية، أن الشاهد ليس له أن يرتب الأحكام على أسبابها، بل وظيفته نقل ما سمعه من إقرار، أو عقد تبايع، وغير ذلك، أو شاهده من غصب، أو إتلاف، ونحو ذلك، ثم الحاكم ينظر فيما نقله الشاهد إليه، فإن كان سببًا صالحًا عنده، رتب عليه موجبه، وإن لم يره سببًا صالحًا، وهو مجتهد فيه، لم يعمل به، والسبب في ذلك أن الأسباب الملزمة متنوعة، مختلف فيها، فقد يظن الشاهد شيئًا سببًا، وليس هو سببًا عند أحد من الأئمة، أو عند الحاكم فقط، فكلف الشاهد نقل ما سمع أو رآه، لينظر الحاكم فيه.

والذي رأيته منقولًا ما حكاه الماوردي في مسألة رهن الشيء بدين، ثم رهنه بدين آخر عند المرتهن، مسألة الخلاف المشهور، وهو أنه إذا أقر الراهن والمرتهن عند شاهدين أن العبد رهن بألفين، نظر: إن قيدا إقرارهما بشرح أراد الشاهدان ألا يذكرا شرح الإقرار، بل يشهدان أن العبد رهن بالألفين- قال: فإن كان الشاهدان من غير أهل الاجتهاد، [لم يجز، ووجب عليهما شرح حال الإقرار.

وإن كان من أهل الاجتهاد] فهل يجوز لهما أن يجتهدا في الإقرار، ويؤديا الشهادة عند الحاكم على ما يصح في اجتهادهما؟ فيه وجهان:

الأصح: أنه لا يجوز لهما ذلك، وعليهما نقل الإقرار إلى الحاكم مشروحًا

<<  <  ج: ص:  >  >>