على صورته، وهكذا القول في كل شهادة طريقها الاجتهاد.
وإن كان إقرار المتراهنين مطلقًا بأن أقرا عندهما أن هذا العبد رهن بألفين مطلقًا، ولم يقيدا، لكن علم الشاهدان أن الذي وقع في الباطن هو رهن العبد أولًا على دين، ثم على دين آخر، فهل يجوز لهما، أو يجب عليهما أن يشهدا بالإقرار المطلق، وليس عليهما الإخبار بما علماه في الباطن؟ فيه وجهان، أصحهما: أن عليهما أن يشهدا بالإقرار المطلق، وعليهما- أيضًا – أن يشهدا بما علماه في الباطن.
وهكذا القول في كل ما علمه الشاهد مع ما تحمه إلا أن يكون ما علمه ينافي ما تحمله، أو يعتقد أنه منافٍ لما تحمله، فيلزمه الإخبار بما تحمله.
وهذا كله مبني على الوجهين في اختصاص الشاهد.
هذا كله كلام الماوردي، وملخصه أن العامي لا يجوز له إطلاق الشهادة المقيدة باجتهاده، وهل يجوز للشاهد المجتهد؟ فيه خلاف فيما طريقه الاجتهاد.
ومفهوم هذا: أن السبب إذا كان مجتمعًا عليه، جاز أن يشهد بالاستحقاق.
والذي أراه ألا يسمع هذا من الشاهد، وعليه بيان السبب كيف كان، سدًا لباب الاحتمال، ونفيًا للريب، كما فعلنا ذلك في شهادة النفي المحصور المضاف إلى زمن مخصوص محصور، فإن الشهادة مما ينبغي أن يحتاط لها.
وقال قبل ذلك بثلاث ورقات، أو أقل، أو أكثر: إن الشاهد لو قال: أشهد أن هذا يستحق في ذمة هذا درهمًا، هل تسمع هذه الشهادة؟ فيه ثلاثة أوجه حكيناها [عنه من قبل]:
المذهب أنها تسمع، ويعمل بها.
والثاني: لا تسمع، لأن هذا من وظيفة الحاكم.
والثالث: إن كان الشاهد متمذهبًا بمذهب القاضي سمعت، وإلا فلا. انتهى. وقد يظن من رأى كلامه في الموضعين أنه متناقض، وهو مما لا شك فيه، نعم: كلام الماوردي مع هذا [لا تناقض فيه]، لأن ذلك محمول على جواز الإقدام للشاهد، وهذا في جواز الحكم بتلك الشهادة، والله أعلم.